Dec 05, 2018 6:40 AM
صحف

تل أبيب:تدميرأنفاق الحزب سينتقل إلى لبنان

بعد ساعات من انطلاق العملية الإسرائيلية العسكرية على الحدود اللبنانية واكتشاف نفق في منطقة المطلة في اقصى الشمال، اعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، رونين منيليس، بعد ظهر امس، ان عملية "درع الشمال"، ستستمر لاسابيع طويلة، وقد تنتقل إلى الأراضي اللبنانية، في حال رد عليها "حزب الله".

وقال ان الجيش الإسرائيلي انطلق في عملية كبيرة لتدمير الأنفاق جميعها، بما في ذلك الأنفاق التي وصلت إلى الأراضي الإسرائيلية او اللبنانية، لأنه يرى فيها "إجراء حربياً هجومياً عدوانياً".

وكان الجيش الإسرائيلي باشر عمليته في الساعات الأولى من فجر امس، بموجب قرار اتخذه الكابينيت (المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة الإسرائيلية)، يوم الأربعاء الماضي، بناء على معلومات استخبارية تم تجميعها خلال 4 سنوات ماضية. وحسب تقارير الاستخبارات العسكرية، فإن "حزب الله" بدأ في مسار حفر الأنفاق بسرية مطلقة وبجهود شبه مستحيلة. فالحفر في الحدود مع لبنان صعب ومعقّد، إذ انها ارض صخرية قاسية، وليست مثل الأرض الرملية في قطاع غزة. وقال مسؤول المخابرات ان احداً لم يصدق في البداية ان "حزب الله" سيقدم على حفر الأنفاق. لكن المعلومات اخذت تتراكم عن هذا الحفر. والمواطنون الإسرائيليون في البلدات القريبة من الحدود شكوا طيلة السنوات الأخيرة من سماع زنين الحفر تحت الأرض.

وجاء البحث حول الموضوع في اجواء سياسية معقدة في إسرائيل، إذ ان رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يكثر من تصريحات استعراض القوة، وكلما اقترب موعد تقديم لوائح الاتهام ضده في قضايا الفساد الثلاث، ترتفع تهديداته اكثر، على امل ان تغطي إعلامياً على محاكمته. ومن جهته، يريد الجيش وضع حد لحفر الأنفاق، وهو ليس معنياً بخوض حرب كبيرة؛ خصوصاً تحت قيادة "رئيس حكومة متورط في القضاء ولديه حسابات قوية".

وسئل الناطق بلسان الجيش في هذا الموضوع، امس، فرد قائلا "كثيرون يرون ان توقيت العملية مرتبط بتوصية الشرطة بمحاكمة رئيس الحكومة بشبهات فساد، لكن الحقيقة مغايرة".

التوقيت اختير منذ فترة. قرار الحفاظ على سرية العملية العسكرية كان هدفه مفاجأة "حزب الله"، وتوقيت تنفيذها جاء بعد ان اثمرت الظروف الاستخباراتية والتكنولوجية وبعدما علمنا ان الأنفاق تتوغل إلى الأراضي الإسرائيلية. وهذه ليست عملية عسكرية تمت المصادقة عليها ليلة امس، بل نتدارس الأمور حولها منذ سنوات". وتابع "خرجنا إلى هذه العملية ونحن نعلم مسبقاً ماذا بنى "حزب الله" وانه لا يوجد نفق جاهز للعمل، وانه لا يوجد تهديد (تحت ارضي) داهم تجاه إسرائيل. وهذا مشروع يصنّفه "حزب الله" بأنه سري، وقلائل فقط في الحزب يعلمون بشأنه. واردنا ان يعرف "حزب الله" واللبنانيون اجمعون اننا نعرف ماذا يفعلون".

-تقدير: "حزب الله لن يرد"

وتفيد مصادر سياسية بأن نتنياهو اهتم كثيراً بمعرفة تبعات مثل هذه العملية قبل الموافقة على تنفيذها، فهل يمكن ان يرد عليها "حزب الله" وتنشب الحرب؟ وإذا نشبت، فكيف سيكون اثرها على الناس؟ وكانت الإجابة بأن التقديرات الاستخبارية ان "حزب الله" لن يرد عليها، طالما ان الجيش الإسرائيلي يعمل في الجهة الإسرائيلية من الحدود؛ لأنه ليس معنياً بالحرب وعلى ما يبدو فإنه ليس جاهزاً لها. وكما قال الجنرال يوسي بيلد، القائد الأسبق للواء الشمالي في الجيش الإسرائيلي، فإنه "في الشرق الأوسط ممنوع التكهن بشيء. ومع ذلك فإن من سمع حسن نصر الله بعد حرب 2006 وهو يقول لو كنت اعرف كيف ستتطور الأمور لما قمنا بالعملية، يدرك انه لن يُسارع إلى الحرب". لكن الجيش الإسرائيلي يمضي في العملية، وهو يدرك ان في نهاية المطاف انه سيدخل الأراضي اللبنانية إذا اراد تدمير كل الأنفاق. وهناك يمكن ان تتدهور الأمور. فقد يرى "حزب الله" ان من المهين الا يرد، وقد يكون رده بعملية جريئة ضد القوات الإسرائيلية المهاجمة. وعندها تزداد احتمالات التدهور الحربي.

وعلى صعيد العملية التي بدأها الجيش الإسرائيلي، امس، فقد اعلن الناطق العسكري الإسرائيلي عن "اكتشاف احد الأنفاق، وتقدم فيه العمل لدرجة انه يحتوي على اجهزة تهوية وإضاءة، وهو بارتفاع يمكّن إنساناً منتصباً من السير فيه". وينطلق النفق من منطقة قرية كفركلا اللبنانية ويتجاوز الحدود مع إسرائيل إلى الجليل 40 متراً. وقام رئيس اركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، بجولة عند الحدود، بعد ظهر أمس، وقاد اجتماعاً عسكرياً لتقييم الوضع. وبالتوازي عقد نتنياهو اجتماعاً للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، ليستعرض الجيش الإسرائيلي خلاله تقارير حول عملية "درع شمالي".

-تشكيك الكابينيت

من جهة ثانية، شكك أعضاء في مجلس الكابينيت بأهمية ما وصفها الجيش الإسرائيلي بـ"عملية عسكرية"، باسم "درع الشمال"، وقالوا لإذاعة الجيش الإسرائيلية، امس، ان نتنياهو، يحاول تصوير وضع دراماتيكي غير موجود، خصوصاً ان الحديث يدور عن نشاط عسكري ينفذه سلاح الهندسة بالأساس، للكشف عن انفاق داخل الأراضي الإسرائيلية. ورغم ذلك، فإن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، رونين منيليس، لم يستبعد حدوث تصعيد في سيناريوهات معينة. ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن احد وزراء الكابينيت، قوله، ان "نتنياهو، كالعادة، يمنعنا من التحدث إلى وسائل الإعلام ويريد ان ينسب المجد كله لنفسه. وهذا مُهين". وتوقع قائد الجبهة الشمالية الأسبق في الجيش الإسرائيلي، عميرام ليفين، ان يكون احتمال تدهور عملية "درع الشمال" ضئيلاً جداً، معتبرا ان "هدف "حزب الله" السيطرة على لبنان، وبالنسبة له فإن عملية عسكرية ينفذها الجيش الإسرائيلي ضده هي كارثة يمكن ان تنهيه". وانتقد ليفين حكومة نتنياهو لأنها "لم تول اهتماماً كافياً للجبهة الشمالية. وخلافاً لما يستعرضه نتنياهو، فإن الجيش الإيراني ضعيف ومتخلف. وقد فتحت (إيران) جبهة ضدنا بواسطة "حزب الله"، وينبغي مواجهتهم".

- تحفظ إعلامي على كلمة"عملية"

وكتب مراسل "شركة الأخبار" (القناة الإسرائيلية الثانية سابقاً) في شمال البلاد، مناحيم هوروفيتس، في "تويتر"، ان "كلمة عملية (عسكرية) تغضبني. فهذه تدخل الناس في حالة هلع دون سبب. ولا يحدث شيئاً في الأراضي اللبنانية، وبإمكان سكان الشمال مواصلة حياة هانئة بشكل كامل".

وينسجم ذلك مع تعليمات الجيش الإسرائيلي، الذي طالب الجبهة الداخلية بمواصلة الحياة الاعتيادية، ولم يعلن عن اي إجراءات طوارئ، ولم يتم إلغاء الدوام الدراسي او وقف عمل المؤسسات العامة. وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن ما وصفه بـ"عملية عسكرية"، هو نشاط ينفذه سلاح الهندسة، في منطقة المطلة الحدودية حالياً، وداخل الأراضي الإسرائيلية، وستتسع باتجاه مناطق اخرى على طول الحدود، بهدف الكشف عن انفاق تتوغل من لبنان إلى شمال البلاد، وتدمير اجزائها في شمال البلاد فقط وليس في الأراضي اللبنانية. لكن في هذه الأثناء تم الإعلان عن منطقة المطلة، أنها منطقة عسكرية مغلقة.

واشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى ان هذه العملية هي الخلفية لزيارة نتنياهو الخاطفة إلى بروكسل، للقاء وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو. لكن هرئيل بدا متحفظاً من الحالة الدراماتيكية التي تحاول إسرائيل تصويرها، ورأى ان وصف النشاط العسكري الحالي مبالغ فيه. إسرائيل تعمل داخل اراضيها، وهذا نشاط دفاعي شرعي، من اجل إحباط استعدادات هجومية اجراها "حزب الله" لخطوات مستقبلية ضد إسرائيل". وأضاف هرئيل أن العملية العسكرية الحالية "تسلب من "حزب الله" ورقة هجومية هامة، احتفظ بها الحزب لاستخدامها في حال نشوب حرب.

ونقلت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي عن مصدر مطلع على المداولات في الكابينيت قوله ان الجيش الإسرائيلي قدّر أنه بالإمكان احتواء الحدث من دون أن يكون هناك رد فعل عسكري من جانب "حزب الله" وحدوث تصعيد، لكنه اضاف انه ينبغي الاستعداد لاحتمال التصعيد في جميع الأحوال.

من جانبه، قال رئيس كتلة "المعسكر الصهيوني" وعضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يوئيل حسون، ان "المعارضة تطالب بأجوبة. هل هذه عملية "درع الشمال" أم عملية درع (حماية) نتنياهو"؟ في إشارة إلى توصية الشرطة الإسرائيلية بتقديم نتنياهو للمحاكمة بشبهات.

وذكرت القناة العاشرة، لن وزارة الخارجية الإسرائيلية أوعزت لسفرائها في أنحاء العالم بتمرير رسالة إلى المستويات العليا في الدول التي يخدمون فيها، مفادها أن عملية الجيش الإسرائيلي عند الحدود مع لبنان "ضد انفاق "حزب الله"، وهي دفاعية وتجري إلى الجنوب من الحدود، وأن إسرائيل ليست معنية بالتصعيد".

"الشرق الاوسط"

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o