Oct 02, 2018 7:57 AM
صحف

يُريدها عون ويرفضها بري

ليس مأمولاً أن تولد الحكومة في وقت قريب، فالمواقف الداخلية على ‏حالها، وكذلك الإقليمية والدولية، مع العلم أنّ القاصي والداني بات يعرف ‏أنّ الرهان على حصول هذا التطور أو المعطى الاقليمي أو ذاك، لن يبدّل ‏في أمر الاستحقاق الحكومي اللبناني شيئاً، وكذلك لن يؤدي إلى تأليف ‏حكومة مختلّة التوازن لمصلحة فريق سياسي ضد آخر‎.‎ 
الرئيس العماد ميشال عون، وخلافاً لاعتقاد البعض، ليس خائفاً من أن يؤدي استمرار التأخير ‏في تأليف الحكومة الى إحباط عهده، أو تعريضه لانتكاسة كبيرة تُبقيه ضعيفاً حتى انتهاء ‏الولاية الرئاسية. والعارفون بالرجل يؤكدون أنه غير متأثِّر سلباً بالتأخير الحاصل، وأنه مستعد ‏للتعايش معه طويلاً بلا أي حرج، بالغاً ما بالغ معارضوه في رهاناتهم على إضعاف عهده أو في ‏محاولاتهم للنيل منه‎.‎ 
واقتراح عون تأليف حكومة أكثرية هو اقتراحٌ جدي، على حد ما يقول عارفوه، ويؤكدون أنه ‏مستعد للسير فيه الى النهاية، ولكن دونه عقبات كثيرة، حيث أنّ الرئيس المكلف سعد ‏الحريري لا يحبذه، وهو المتمسِّك بتأليف "حكومة وحدة وطنية" لأسباب وموجبات بعضها ‏داخلي والبعض الآخر خارجي. كذلك، لا يحبذه حزب "القوات اللبنانية" ولا رئيس "الحزب ‏التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، علماً ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يعارض قبل كلّ ‏هؤلاء حكومة الأكثرية، حتى لا يصبح التمثيل هنا أو هناك حِكراً على فريق بعينه، الأمر الذي ‏يخالف "اتفاق الطائف" الذي أقام سلطة الشراكة الوطنية عبر تأليف حكومات وفاق ووحدة ‏وطنية‎.‎ 
وفي آخر لقاء بينهما، فاتحَ عون الحريري جدياً في أمر تأليف حكومة أكثرية وليشترك فيها من ‏يشترك وليعارضها من يعارض، ولكن الحريري لم يؤيّد هذا الطرح، إذ عندما سأله عن تمثيل ‏‏"القوات"، ردّ عليه: ولماذا انت متمسِّك بهذا المقدار بتمثيل "القوات"، فلا مشكلة في ‏عدم مشاركتها في الحكومة إذا ارادت هي استبعاد نفسها؟. وردّ الحريري قائلاً: "وماذا عن ‏جنبلاط ايضاً؟". فأجاب عون: "وهو الآخر إذا كان لا يريد المشاركة وبقي متمسكاً بشروطه، ‏لا مشكلة فليبقَ خارج الحكومة‎".‎ 
وعندما قال الحريري لعون انّ الرئيس نبيه بري يعارض بشدة تأليف حكومة أكثرية، لاذ الأخير ‏بالصمت للحظات، ثم قال له: "يمكن ان أعالج موقفه بالتشاور مع "حزب الله‎".‎
لكن الحريري لم يجارِ عون في طرحه أصلاً وفصلاً، أولاً لعدم استساغته استبعاد حليفيه ‏‏"القوات" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، وثانياً لإدراكه مسبقاً معارضة بري حكومة أكثرية ‏تستبعد حليفيهما جنبلاط‎.‎ 
ولذلك توقف البحث بين عون والحريري عند هذه النقطة، ما يعني ان حكومة الاكثرية لا يمكن ‏ان تؤلف ما لم يوافق الحريري عليها قبل الجميع ويقدم تشكيلتها الى رئيس الجمهورية، ولكن ‏حتى إشعار آخر لا يبدو انّ الرجل في وارد اتخاذ خطوة من هذا النوع، خصوصاً في ظل عدم ‏تأييد بري مثل هذه الحكومة‎.‎ 
ويؤكد العارفون بموقف عون انه كان ولا يزال يتمسّك بموقفه أن تكون حصة "القوات ‏اللبنانية" 3 مقاعد وزارية فقط لأنه يعتبر انّ هذا هو "حجمها الطبيعي"، وأنه في حال ‏أعطاها 4 وزراء (3 بحقائب ورابع وزير دولة) يكون "أكرمها بأكثر مما تستحق". أما رفضه حصر ‏التمثيل الوزاري الدرزي بوزراء جنبلاطيين من دون سواهم، فإنه نابع من رفضه أن يكون هذا ‏التمثيل الوزاري حكراً على الجنبلاطيين فقط وإلغاء تمثيل بقية القيادات والفاعليات الدرزية، ‏ومنها النائب طلال ارسلان. وأكثر من ذلك، يرفض عون ان يضع مصير الحكومة في يد جنبلاط ‏الذي يُمكن أن يُحدث أزمة ميثاقية في حال أعطي الحصة الوزارية الدرزية بكاملها، إذ لا ‏شيء يمنع جنبلاط عند حصول اي خلاف من ان يطلب من وزرائه الاستقالة من الحكومة، أو ‏حتى الاعتكاف عن حضور جلسات مجلس الوزراء، محدثاً بذلك أزمة ميثاقية تغدو معها ‏الحكومة بتراء وغير شرعية لخروج مكوّن من مكوناتها منها‎.‎ 
ويقول البعض ان عون ليس مرتاحاً الى اقتراح بري تسوية العقدة الوزارية الدرزية بأن يكون ‏الوزير الدرزي الثالث في الحكومة المُراد لها ان تكون ثلاثينية نجل النائب انور الخليل، فهذا ‏الرجل سيكون بشكل او بآخر في النهاية محسوباً على جنبلاط، ولكن رئيس الجمهورية كان ‏ولا يزال يرفض الطرح مصرّاً على توزير إرسلان او من يمثله، وذلك حفاظاً على ثنائية الزعامة ‏الدرزية على رغم طغيان الزعامة الجنبلاطية على السواد الأعظم من الدروز‎.‎ 
ولكن بين تأليف حكومة الأكثرية غير المتيسِّر وتأليف حكومة الوحدة الوطنية المطلوب، والذي ‏يقضي به "إتفاق الطائف" ولكنه متعثِّر بفعل الخلاف بين الأفرقاء المعنيين على توزيع ‏الحصص الوزارية مقاعد وحقائب، يبدو أنّ إقامة حكومة تصريف الأعمال ستمتد إلى فترة ‏إضافية، أقله حتى نهاية السنة الجارية، حيث أنّ البعض يراهن على حصول تطورات في ‏الاقليم خلال هذه الفترة الفاصلة عن نهاية السنة يمكن أن تغيّر او تبدّل في الشروط وفي ‏موازين القوى السياسية في الحكومة العتيدة‎.‎

"الجمهورية"

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o