3 سيناريوهات تؤخّر التشكيل!
في ظل تعثّر تأليف الحكومة وتأخره حتى الآن الى ما يربو على ثلاثة اشهر، مع انه لم يبلغ بعد المدة التي استغرقها تأليف حكومات سابقة وراوحَت بين سنة تقريباً (حكومة الرئيس تمام سلام) وثمانية اشهر او اكثر (حكومة الرئيس نجيب ميقاتي)، يسود الاوساط السياسية حديث عن ثلاثة سيناريوهات حول الاستحقاق الحكومي والخلفيات الكامنة وراء تأخر إنجازه والأبعاد:
- السيناريو الاول: يقول انّ الحكومة لن تؤلف الّا بعد إنهاء الوضع في محافظة ادلب سلماً أو حرباً، وصيرورة الأزمة السورية الى حل سياسي برعاية دولية، وفي هذه الحال يجد الافرقاء السياسيون اللبنانيون، أو غالبيتهم على الاقل، أن ليس من مصلحتهم أن تؤلّف الحكومة حالياً بشروط قد تكون غير مرضية لهم، ويرون انّ من الافضل الاستئخار في تأليفها الى ما بعد استحقاق ادلب، اذا جاز التعبير، إذ لعلّ ذلك يمكنهم من تحسين شروطهم وحصصهم فيها.
-السيناريو الثاني: هو انّ الحكومة لن تؤلف في المطلق، وانّ العقبات في طريق ولادتها ستتكاثر وتتعاظم بحيث سيكون مستحيلاً توَصّل الافرقاء السياسيين الى اتفاق على تقاسم الحصص من المقاعد والحقائب الوزارية، وسيكون من الصعب في هذه الحال ولادة هذه الحكومة حتى ولو توافر حل للأزمة السورية عاجلاً ام آجلاً، بحيث قد يفرض تعاظم الازمة وتعقيداتها الدخول في تغيير النظام المنبثق من "اتفاق الطائف"، خصوصاً انّ بعض القوى لديه مثل هذه الرغبة، وذلك عبر مؤتمر تأسيسي او غيره من المسمّيات، بغية إقامة نظام سياسي جديد بتوازنات جديدة.
- السيناريو الثالث: وهو انّ تأليف الحكومة مهما تأخّر سيحصل في النهاية وفق المعايير والتوازنات التي سيتمكن الرئيس المكلف سعد الحريري من التوصّل إليها في مشاوراته مع مختلف الافرقاء، وذلك التزاماً واستمراراً في ما سمّي "التسوية الرئاسية" التي جاءت بالرئيس ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وبه الى رئاسة الحكومة، على ان يحصل اتفاق على الحصص من المقاعد والحقائب الوزارية قياساً على نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت وفق النظام الانتخابي النسبي والذي اعتَرت تطبيقه شوائب كثيرة يمكن تلافيها لاحقاً، فلا يكون في الحكومة "ثلث وزاري معطّل" لفريق سياسي بعينه وإنما يكون له ولحلفائه، وذلك حفاظاً على التوازن ومنعاً لتفرّد فريق واحد بمصير الحكومة، وبالقرار على مستوى السلطة التنفيذية.
وبعيداً من هذه السيناريوهات الثلاثة، يتوقف بعض السياسيين بحسب ما يُنقل عنهم عند الوضع الاقتصادي والمالي الذي يحذّر كثيرون من أهل الاختصاص ومؤسسات دولية من أنه مهدّد بالتعرض لاهتزارات او انهيارات نتيجة الاستحقاقات المالية التي تنتظر الدولة بين نهاية السنة الجارية ومطلع السنة الجديدة، ويقول هؤلاء انّ هناك احتمالا كبيرا لأن يتفوّق هذا الوضع على العامل السياسي، ويضغط على السلطة وعلى الافرقاء السياسيين المختلفين على التشكيلة الوزارية ليسارعوا الى الاتفاق لكي تولد الحكومة وتنطلق سريعاً الى معالجة الاستحقاقات المقبلة ووقف التدهور الاقتصادي والمعيشي، لكنّ حصول هذا الضغط من عدمه سيظهر في خلال ما تبقّى من السنة الجارية ومع اقتراب مواعيد الاستحقاقات المالية.