استنفار "صحي" لبناني لمواكبة حاجات النازحين
نجحت وزارة الصحة اللبنانية إلى حد كبير حتى الساعة في التعامل مع الاحتياجات الطبية للنازحين منذ توسيع إسرائيل حربها على لبنان، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي. فإلى جانب تغطيتها بالكامل علاج الجرحى والحالات الطارئة، وتأمينها الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة، تمكنت أيضاً من تأمين أدوية وعلاجات مرضى الأمراض المستعصية وغسيل الكلى.
ويؤمّن نحو 220 مركز رعاية صحية أولية، بعد توقف المراكز في المناطق التي تتعرض للقصف عن العمل، الخدمات الطبية والأدوية لما بين 230 إلى 240 ألف نازح يعيشون حالياً في مراكز إيواء، من بينهم نحو 45 ألف شخص بحاجة إلى أدوية أمراض مزمنة، وكذلك للنازحين الذين يسكنون في منازل مستأجرة أو عند أقاربهم، بحيث يتجاوز العدد الإجمالي للذين اضطروا لمغادرة منازلهم نتيجة الحرب مليوناً و200 ألف شخص.
وخصصت وزارة الصحة خطاً ساخناً للنازحين من مرضى السرطان، ولأولئك الذين يعانون من مشكلات صحية أخرى. وبحسب وزير الصحة فراس الأبيض، يصل ما يزيد على 2000 اتصال يومياً على هذا الخط.
الأدوية مؤمَّنة
وطمأن الأبيض إلى أنه «ليس هناك أي دواء مقطوع، ولدينا أدوية تكفي 4 أشهر على الأقل»، لافتاً في حديث تلفزيوني إلى أنه «منذ بداية الأزمة حضّرنا لوائح الأدوية التي سنحتاج إليها، وتواصلنا مع وزارة الخارجية، وأرسلنا عبرها هذه اللوائح إلى سفاراتنا والقنصليات في الخارج، وشاركنا هذه اللوائح مع الدول ومع الجاليات. وبشكل عام، 90 في المائة من الأدوية التي وصلت إلى لبنان على هيئة مساعدات هي من الأدوية التي نحتاج إليها، رغم أن كمية المساعدات التي وصلت للشأن الصحي لا تغطي كل الاحتياجات».
وضع مقبول
ويصف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور بلال عبد الله الوضع بما يتعلق بمعالجة الملف الصحي للنازحين بـ«المقبول»، لافتاً إلى أنه «تجري تغطية طوارئ النازحين بكل المستشفيات الحكومية مجاناً، كذلك تغطي الوزارة مرضى السرطان وغسيل الكلى، وهناك عمل حثيث لتغطية فرق الضمان في المستشفيات الخاصة».
ويشير عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نحو 220 مركز رعاية صحية يقوم بجهد كبير، ويعمل بأقصى طاقته، بحيث يؤمّن الأدوية واللقاحات والطب العام والنسائي للنازحين، وقد أثبتت هذه المراكز جدارتها»، موضحاً بما يتعلق بالاعتمادات المالية لتغطية كل النفقات أن «الوزارة تصرف من موازنتها التي تم تعزيزها هذا العام، كما تم إقرار اعتمادات في مجلس الوزراء، ولكن ذلك لا يعني أننا لا نحتاج إلى اعتمادات إضافية».
مجموعة تحديات
من جهته، يتحدث عضو لجنة الصحة النيابية النائب الدكتور عبد الرحمن البزري عن مجموعة تحديات مرتبطة بالوضع الصحي للنازحين، لافتاً إلى أن «التحدي الأول يكمن بمنع تفشي الأمراض الانتقالية من خلال تأمين مختلف احتياجات النظافة العامة والشخصية في مراكز اللجوء. أما التحدي الثاني فمراقبة انتقال الأوبئة، خصوصاً تلك التي تنتقل نتيجة الازدحام السكاني، وأبرزها الأمراض الجلدية، وقد تم تسجيل بعض الحالات».
ويشير البزري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التحدي الثالث يكمن بمراقبة سلامة الغذاء منعاً لتفشي الإسهالات، خصوصاً أن هناك مطابخ جماعية تقدم عشرات آلاف الوجبات الساخنة يومياً». ويضيف: «أما التحدي الرابع فمرتبط بالأمراض التنفسية، خصوصاً أننا على أبواب فصل الشتاء، الموسم الذي تكثر فيه الفيروسات والبكتيريا، كما أنه من ناحية الأمراض المزمنة، فإن كثيراً من النازحين يحتاجون لأدوية وعلاجات للسكري والقلب والكبد، ومراكز الرعاية الصحية الأولية تهتم بذلك».
ويرى البزري أن «الشراكة بين الوزارة ومراكز الرعاية الصحية الأولية والمجتمع الأهلي شراكة فاعلة ومدعومة من المجتمع الدولي، وهذا الوضع يجب الحفاظ عليه وتمتينه».
وفي التاسع من الشهر الحالي، نشرت وزارة الصحة العامة لوائح تفصيلية بكميات الأدوية التي تم تلقيها بوصفها هِبات ومساعدات للبنان، ويجري توزيعها على مراكز الرعاية الصحية الأولية التي تقدم الخدمات للنازحين في كل من المحافظات اللبنانية.
كما نشرت لوائح بحزم أدوية الأمراض المزمنة التي يجري توزيعها على مراكز الرعاية من ضمن برنامج تعاون مع منظمة الصحة العالمية بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
بولا أسطيح - االشرق الأوسط