9:16 AM
مقالات

عندما كنّا نعيش في وطن

كتب البروفيسور إيلي الزير: عندما يجتمع المسؤولون في الوطن لاستقبال باخرة فيول قادمة من الجزائر كهبة لحلّ أزمة العتمة في لبنان، تكون الحكومة والمؤسسات الرسمية معها تحولت إلى ما يشبه النازح أو اللاجئ الذي  يقف في الطابور، أو ذاك الطفل الجائع في السودان، أو الصومال عندما يتزاحم مع أقرانه من الأطفال لتعبئة طبقه المهترئ ببعض من الأرز المسلوق.

عندما يقف وزير متقلباً يميناً ويساراً، واضعاً يده على خصره لالتقاط الصور بانتظار الباخرة الجزائرية مبتسماً رغم فاجعة المناسبة وواقع الحال. فيما في اجتماع الطوارئ لمواكبة الأزمة الأمنية وإمكانية اندلاع حرب موسعة، يقف ثلاثة وزراء مبتسمين سعداء مرتاحين على أوضاعهم ليلتقطوا صورة سيلفي في منزل رئيس حكومة تصريف الأعمال، فإنّ الحكومة ومؤسساتها هي أشبه بفرقة مسرحية مدرسية تتسابق في التقاط الصور التذكارية لعام دراسي نسأل الله أن ينتهي في يوم من الأيام.

عندما تنقطع الكهرباء ونعيش في العتمة، ثم يخرج بعضنا في اليوم الثاني إلى شاطئ البحر، والبعض الآخر إلى أعالي الجبال، وبعضنا الثالث إلى الينابيع والأنهار ونقيم حفلات الشواء ضاربين الكأس بالكأس، مطلقين عنان الموسيقى إلى السماء، نرقص ونغني جميعاً، مستذكرين فيروز وزكي ناصيف ووديع الصافي. وننسى أننا دون كهرباء، ودون ماء، ودون طبابة، وفتح أبواب المدارس على الأبواب حينها نكون نحن الشعب أشبه بالتماسيح. لا شيء يستفزنا سوى الطريدة البريئة المارة بالمصادفة دون أن نعير بالاً للأخطار.

في طريق العودة من كل ذلك، نرى ساحات البلاد مقفرة في جونية وجلّ الديب، وفي إيليا، وسعدنايل، وزحلة، وطرابلس وصولاً إلى ساحة الشهداء، لا ثورة ولا ثوار ولا معترضين على سوء كلّ هذه الاحوال. حينها يمكننا أن نقول لقد كنا في وطن واليوم لا ندري ما اسم هذا المكان.

المصدر - أيوب نيوز

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o