Aug 14, 2024 8:59 AM
خاص

الفيول العراقي: تحت مقصلة القرار السياسي.. ومزايدات التمويل!

 

ميريام بلعة

المركزية- "لبنان على موعد مع انفراجة هائلة بانتظار التبليغ الرسمي بموعد تحميل الفيول الأسود العراقي"... هكذا بشّر وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض اللبنانيين قبل أن يحمل كرة التأخير إلى ملعب مصرف لبنان الذي لم يُفرِج عن الأموال المطلوبة لتغطية كلفة استبدال الفيول الأسود العراقي بالفيول المعتَمَد في معامل "كهرباء لبنان"، ومن ثم إلى استجداء ثمن الفيول من أموال الجباية...

إذ يعزو فيّاض التأخير في الحصول على شحنة النفط العراقي إلى "تلكؤ مصرف لبنان في تحويل المستحقات للحكومة العراقية، بانتظار انعقاد مجلس النواب لتأمين التغطية التشريعية للعقد المستمر مع العراق. هذا الوضع الكارثي يتطلب وساطات مكثفة مع رئاسة الحكومة ووزارة النفط العراقية لتسيير الشحنة الشهرية بموافقات استثنائية في كل مرة، ما يعكس تعقيدات لا تنتهي".

لكن السؤال المطروح، لماذا تأخّرت الحكومة العراقية في رفد لبنان بالشحنة المنتظرة، على رغم أنها سبق وتخطّت مشكلة التمويل انطلاقاً من مبدأ  الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه؟! ما الذي دفع إلى تغيير الموقف العراقي في هذا الملف وحَرَم اللبنانيين من 4 إلى 5 ساعات تغذية بالتيار الكهربائي؟!

هل هناك خطة ممنهجة لوقف استيراد الفيول العراقي، كما تشي المعلومات في كواليس القطاع، كونه يعوق عقد الصفقات... "بالتراضي" أو من نوع آخر!؟ يبقى هذا السؤال في ذمّة مسرّبيه استبعاداً للشك في الجهود المبذولة لتفادي عتمة "الكهرباء الرسمية" وترك رقاب المواطنين في قبضة جنون فواتير المولدات الخاصة.

للخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر شرحٌ آخر لحيثيات الموقف العراقي... إذ تذكّر عبر "المركزية" بكلام لوزير الطاقة أطلقه مطلع الصيف يبدو أنه جفّل الحكومة العراقية وفرمَل حماستها اتجاه لبنان، وتقول: لقد بادر وزير الطاقة مطلع هذا الصيف إلى الإعلان عن نيّته "بزيادة ساعات الإنتاج يومياً، إذ بالإضافة إلى الساعات الـ5 سنزيدها ساعتين لتصل التغذية بالتيار الكهربائي إلى 7 ساعات في اليوم الواحد، وذلك عبر شراء شحنات إضافية من الفيول من مصدر آخر غير العراق..." هذا الكلام لم يرِق للحكومة العراقية خصوصاً أنها كانت تصدّر إلى لبنان شحنات من الفيول مؤجّلة الدفع انطلاقاً من رغبتها في مساعدة لبنان في ظل الأزمة المالية والنقدية التي يمرّ بها أدّت إلى إفلاس خزينته العامة... فكيف بالوزير فيّاض يعلن السعي إلى تأمين الفيول من مصدر آخر، ما يعني أن الدولة البنانية لديها ما يكفي من المال لاستيراد الفيول من مصدر آخر، الأمر الذي دفع بالحكومة العراقية إلى إعادة النظر في دعمها للبنان في هذا المجال، مع التذكير بأن الفيول العراقي يتم استبداله بفيول صالح للاستخدام لزوم معامل الإنتاج في لبنان عبر مناقصات تجري لهذه الغاية، والشركة الفائزة بالمناقصة تحصل على كمية من شحنة الفيول من دون أن تتقاضى أموالاً من الدولة اللبنانية. وحصل أن توقفت الشركة عن تفريغ الشحنة أوائل تموز الفائت عندما رست الباخرة قبالة الساحل اللبناني، فور تبلّغها من الحكومة العراقية بأنها لن تبادلها بالفيول المقابل لهذه الشحنة. وهنا بدأت وزارة الطاقة برمي المسؤولية على مصرف لبنان، ليبلغهم الحاكم بالإنابة وسيم منصوري عدم دفع أي قرش لتسديد ثمن شحنات الفيول لزوم "كهرباء لبنان" إلا بموجب قانون يصدر عن مجلس النواب.

وهنا توضح أبي حيدر أن "القانون الصادر سابقاً غطّى العقد الأول مع الحكومة العراقية، فيما يُنتظر صدور قانون آخر لتغطية العقد الثاني معها. إلى ذلك، لم تُدرِج وزارة الطاقة نفقات الفيول العراقي في الموازنة العامة لسنة 2024 التي أقرّها مجلس النواب، ولو فعل لما كان منصوري تذرّع بوجوب صدور قانون عن البرلمان. 
..."إذاً نحن أمام معضلة تمويل استيراد شحنة الفيول العراقي" بحسب أبي حيدر، "نتيجة عدم التئام مجلس النواب لإصدار قانون يسمح لمصرف لبنان بتأمين التمويل، ومن جهة أخرى لا توجد موازنة عامة تغطّي هذه العملية... فوصلنا إلى حائط مسدود!".

التمويل من الجباية مخالفة فادحة!

لكن وزير الطاقة يطلب من مؤسسة "كهرباء لبنان" استخدام الجزء المتوفّر حالياً من الجباية لتغطية كلفة شحنة الفيول، فتُعلّق أبي حيدر: إنها مخالفة واضحة لخطة الطوارئ التي أقرّها مجلس الوزراء التي تنصّ بشكل صريح على استثناء مؤسسة "كهرباء لبنان" من دفع كلفة استيراد الفيول العراقي. علماً أن عند وضع هذه التعرفة وحساباتها، لم تلحظ ثمن الفيول العراقي. كما أن مجموع الجباية كاملاً غير قادر على تأمين ساعة إنتاج واحدة من الفيول العراقي، مع وجوب الإشارة إلى الديون المترتبة على المؤسسة لتمويل عمليات الصيانة والمشغّلين ومقدّمي الخدمات...

وزارة الطاقة تدور في حلقة مُفرَغة، فيما يدفع "ثمن" تعذّر تأمين "ثمن" الفيول العراقي، هو المواطن اللبناني كالعادة، إن في الحرب أو السِلم... وللقرار السياسي الدور الأول والأخير.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o