ايران واسرائيل... ضربات متبادلة على ايقاع المايسترو الاميركي!
يولا هاشم
المركزية - أكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" ان إسرائيل اتخذت قرار الرد على إيران من دون تحديد الوقت، في حين أشارت ABC نيوز عن مصادر إسرائيلية إلى ان إسرائيل تراجعت عن هجومين على إيران مرتين على الأقل هذا الأسبوع، وان الردود شملت خيارات منها مهاجمة وكلاء إيران في المنطقة وهجوم إلكتروني محتمل.
وردا على الهجوم الايراني على اسرائيل، أعلنت الولايات المتحدة إنها ستفرض عقوبات جديدة على إيران في غضون أيام، قد تركز على خفض قدرة البلاد على تصدير النفط. بدوره، أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أنّ الاتّحاد الأوروبي قرّر فرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف منتجي الطائرات المسيّرة والصواريخ.
من جهته، أعلن قائد الجيش الإيراني ان أي تعرض من إسرائيل لأمن إيران سيواجه برد حازم يجعلها تندم.
وتأتي هذه الصريحات فيما لا تزال إسرائيل تدرس الخيارات للرد على الهجمات الإيرانية التي شهدتها أراضيها ليل السبت الأحد، والتي أتت رداً على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف السفارة الإيرانية في دمشق. فما السيناريوهات المتوقعة؟
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "بعد ضرب ايران لاسرائيل يختلف عما قبلها، لأن الضربة التي قامت بها ايران كانت إعلامية استعراضية، حددت وقتها ونهايتها وتذرعت بالمادة 51 من قانون الامم المتحدة للاعتداء على دولة بأنها استجابت إلى حق الرد، ووجهت من خلالها رسالة للايرانيين في الداخل وللأذرع في الخارج وللعالم ان ايران استعادت هيبتها، لكنها في المقابل سمحت لاسرائيل بتحقيق أكثر من هدف.
اولا، ولأول مرة تُصبح الحرب بالمواجهة بين اسرائيل وايران، ليس على فلسطين وإنما على النفوذ الذي يقدم نفسه أكثر للمايسترو الاميركي.
ثانيا، نجحت اسرائيل باعتبار نفسها مُعتدى عليها. واسرائيل دولة صغيرة في هذا الوسط الكبير الذي يتكالب على السيطرة والقضاء عليها، خاصة وان ايران سبق وصرّحت بأنها ستمحو اسرائيل، ولم تعترف بالكيان الاسرائيلي وتعتبر ان حق الفلسطينيين من النهر الى البحر. ما أدى الى تفعيل دور اسرائيل ومنحها تأييدا غربيا واطلسيا واوروبيا وتحويل هذا الزخم من دبلوماسي في بداية 7 اكتوبر الى ميداني اشترك في إسقاط 90 في المئة من الصواريخ والطائرات المسيرة قبل ان تقترب من الحدود الاسرائيلية".
ويشير العزي الى ان اسرائيل نجحت في إقناع الولايات المتحدة بأن عملياتها الهجومية هدفها الدفاع عن النفس، فكان الاميركي بمثابة المايسترو في رعاية وضبط الرد الايراني عبر تحديد المكان والزمان المناسبين"، معتبراً ان "التقارب الاميركي -الايراني هدفه تقديم اوراق اعتماد للإدارة الاميركية الحالية التي تخوض انتخابات رئاسية، لأن ايران يهمها وجود الحزب الديمقراطي في السلطة لأن التعامل معه سهل ومعه عقدت الاتفاق النووي. إلا ان الحزب الديمقراطي في المقابل، بحاجة الى اسرائيل واللوبي اليهودي من أجل الضغط والتأثير في عملية الانتخابات. لذلك فإن الايراني ركيك ورقيق مع الاميركي وأعطاه الاحداثيات، في حين ان الاسرائيلي نمرود ويعرف ما يريده الاميركي منه".
ويلفت العزي الى ان "اسرائيل نجحت في طرح الضربة على طاولة مجلس الامن في حين فشلت ايران في ذلك، وتمت مناقشتها بغض النظر عن القرارات التي ستتخذ مع او ضد. وبالتالي تجمع اسرائيل نقاطا دبلوماسية قوية لأنها غير محشورة، وسيكون ردها مختلفا كليا عن الرد الايراني"، مؤكدا ان "السؤال لم يعد إذا ما كانت اسرائيل سترد أم لا، لأن الامر تم حسمه واسرائيل اتخذت القرار بالرد. لكن اين ومتى وكيف؟ هنا السؤال. ولذلك من المتوقع ان ترد بقوة وتضرب اهدافا مؤثرة في العمق الايراني، قد تكون عسكرية او نووية. لذلك يتخوف العالم من الرد وردة الفعل"، مشيرا الى ان "الولايات المتحدة ستتحرك لضبط الرد، لكنها لن تطلب من اسرائيل عدم الرد. ومن هنا تُطرَح عدة سيناريوهات لعدم جرّ المنطقة إلى التوتر. ومن المتوقع ان تشهد المنطقة ردا وردا مقابلاً، وقد يتعدى ذلك المرتين او الثلاث مرات من الطرفين، لأن كل طرف سيُظهِر قوته. لكن السيناريو المحتمل، في حال أرادت اسرائيل ان تدمر، ألا توجه ضربات عادية لايران او ان يكون ردها متهورا او استعراضيا، بل ستعمد الى تدمير المشروع النووي ولديها القدرة اللوجيستية والعسكرية للتنفيذ.
لذلك، فإن السيناريو الثاني والاكثر احتمالا يقوم على توجيه اسرائيل ضربات استراتيجية لمطارات عسكرية ومنصات صواريخ ومخازن وتجمعات عسكرية تستطيع من خلالها تحقيق ضربات موجعة... وهنا سيكون دور الولايات المتحدة ضبط وإدارة الرد الاسرائيلي وذلك بمنع توجيه ضربات نحو البنى التحتية او المؤسسات المدنية او المدنيين كي لا تكون ذريعة لايران للرد".
ويرى العزي ان "مشاركة الأذرع في الضربة الايرانية على اسرائيل كانت ضعيفة جدا ، من هنا يمكن القول ان المعركة الاسرائيلية الايرانية لم تعد معنية بها الأذرع والتي كان دورها يقوم على رمي الصواريخ وتوجيه الرسائل. اما اليوم فإن اسرائيل نجحت في أخذ المعركة نحو رأس الاخطبوط، وأصبح رأس الاخطبوط مطلوباً، بانتظار مرحلة التفاوض الايرانية – الاميركية، حيث سيصار إلى عرض الحوافز وسيبرز كل طرف اوراقه على الطاولة لإسكات الآخر"، مشيراً إلى ان "ايران أثبتت في ضربتها الأخيرة ان معركتها ليست من اجل فلسطين او غزة. والسؤال المطروح: لو لم تضرب اسرائيل القنصلية الايرانية، هل كانت طهران ستسهدف تل أبيب؟ بالطبع نعم، لأن المعركة منذ البداية هي اوراق وليست فلسطين. فلسطين هي الحجة التي يتحجج بها كل شخص من اجل إعطاء لونه وشكله الذي يستخدم مصالحه الخاصة من خلالها".
ويختم: "لا يمكن اعتبار ايران عدوا لاسرائيل إنما خصم وهناك مايسترو موحد يدير اللعبة هو الاميركي وشاهدنا نجاحا تلو النجاح في عملية ضبط المواقف وتوزيع الادوار. ربما هذه المعركة ستنتقل ما بين الايراني والاسرائيلي لكن للاسف المنطقة ستدفع الثمن، وربما أكثر دولة ستتعرض للضغط والعمل على إسقاطها هي الاردن. المنطقة امام مرحلة جديدة من الفوضى لكن مضبوطة لأنه لن يُسمَح لايران باستعراضات وهمية تمارسها من خلال هذه الالعاب البهلوانية بضرب اسرائيل التي يحميها الغرب. ولو ارادت ايران فعلا ضرب اسرائيل لاستهدفت قواعدها العسكرية في أذربيجان واريتريا ولكان العالم غض النظر، باعتبار ان اسرائيل استخدمت الاراضي السورية في توجيه ضربة لايران وكذلك فعلت ايران. في النهاية، الجميع بات يعلم ان ايران لا يهمها الاسماء والشخصيات بل مشروعها النووي الذي تستخدم كل الساحات والاذرع في خدمته".