Mar 29, 2023 1:32 PM
خاص

خلوة بيت عنيا روحية أم عودة إلى الجذور؟...هوية الجمهورية قبل الرئاسة !

جوانا فرحات

المركزية – بين الداخل وما وراء الحدود ثمة كلام يتردد في الغرف الديبلوماسية يحمّل فيه سفراء دول وسياسيين من فريق الممانعة المسيحيين مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية بسبب خلافاتهم الداخلية وصراعهم على المكاسب التي يضعونها في أولوياتهم. كلام خطير جداً، لا سيما أن بعض الخارج يضعه حلقة في أذنه ويسير به لوضع الحلول للأزمة اللبنانية. أما بعض الخارج الآخر فهو غارق في أزمة تداعيات الحرب في أوكرانيا إذا مرّ لبنان في أجندة اهتماماته يكون مرور الكرام ، أو يضعه في آخر سلم اهتماماته.

في كلمته التي ألقاها ظهر الإثنين عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء التي ختمت سيناريو "التوقيتين"، ألمح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بقوة إلى هذه المسألة عندما قال "إنتخبوا رئيسا" وهو بذلك كان يتوجه إلى الأفرقاء المسيحيين. كذلك الحال بالنسبة إلى الرئيس نبيه بري الذي يُنقل عنه كلام مفاده  "أنه عندما جمع البطريرك بشارة الراعي الأقطاب الأربعة قبل وصول ميشال عون إلى بعبدا كانت النتيجة انتخاب الأخير رئيسا للجمهورية.  فليجمعهم من جديد لانتخاب سليمان فرنجية هذه المرة"!.

الأكيد أن ثمة قرار بتحميل الراعي كلاما انتهت صلاحيته منذ زمن، فهل تكون الخلوة الروحية التي دعا إليها في بيت عنيا في حريصا للتأكيد أن المشكلة في مكان آخر وليست داخل الصف المسيحي؟

مصادر مقربة من البطريركية ومطّلعة على دينامية حركتها وتحرك المطران أنطوان أبو نجم تقول عبر "المركزية"  "ليست الدعوة التي وجهها البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى النواب المسيحيين للإلتقاء في خلوة روحية تقليدية، بل هي أتت في مرحلة تاريخية مفصلية يواجه فيها لبنان خطراً على هويته وكيانه، مع ارتفاع منسوب توتّر طائفي، ترافقه مشاريع ثلاثة متصارعة. أولها يدعو إلى تطبيق الدستور وتكريس دولة المواطنة المحتَضنة للتعددية. وثانيها، الإنقلاب على الدستور بطرح المثالثة إنطلاقاً من موازين قوى محتلّ يفرضه تحالف مافيا-ميليشيا يحكمُ خارج القانون، ويحتل مؤسسات الدولة.

أما ثالثها فهو الإنحياز إلى إعلان موت الصيغة الميثاقية، والتسويق لطرح فدرالية من باب أنها الحلّ الأمثل. فما هي الخلفية التي فرضت الدعوة إلى الخلوة الروحية؟ وماذا يمكن أن ينتج عنها من خيارات؟ وهل نحن أمام مرحلة أهم ما فيها إنتخاب رئيس للجمهورية أم إنقاذ هوية الجمهورية اللبنانية أم الإثنان معا؟ وأي تقاطع بين الكرسي الرسولي والبطريركية المارونية في مسار معالجة مسببات الأزمة القائمة؟ وكيف يمكن لجم منسوب التوتر الطائفي؟.

وتخلص المصادر إلى النتائج التالية:  

- إن الخلوة الروحية، ومع اختيار أسقف متخصص بالكتاب المقدس لإحيائها، يؤكد على أن الحاجة ملحّة للعودة إلى الجذور، وفَهم عمق ارتباط السياق المأزوم في لبنان ببوصلة إنقاذية قياميّة، أساسها الروح، وبالتالي العودة إلى لغة الضمير والأخلاق في الشأن العام.

- لا تعويل على أي خيارات سياسية تنتج عن الخلوة، بل كل التعويل على بناء مساحة تواصل إيجابي بالإستناد إلى الخير العام بين كل المكونات المسيحية على رغم التباين البنيوي الذي يفرِّقها.

- الإضاءة على أن الخطر على لبنان بات كيانياً وجودياً، ويطال هويته في صيغة العيش معاً وميثاق اللاشرق واللاغرب، بما يعني الدعوة للتحرر من كل أثقال التشويه الذي يحتل الذاكرة الجماعية المسيحية أولاً، ومن ثم الجماعة الوطنية، وبالتالي التأكيد على موجب العودة إلى الدستور وأحكامه بعيداً من نزعات الإستقواء أو الإنفصال على حدّ سواء. وتأتي رئاسة الجمهورية نتيجة لخيارات واضحة وليس العكس. من هنا يفترض أن تقترن مواصفات أي رئيس/ة  ببرنامج إنقاذي متكامل.

- الكرسي الرسولي يتابع بعمقٍ وديبلوماسية فاعلة وهادئة القضية اللبنانية مع كل عواصم القرار، ولا مقايضة أو تسوية على حساب لبنان. كما أن الكرسي الرسولي معني بحماية هوية لبنان الحضارية في صيغة العيش معاً من خلال  دولة مواطنة يسودها القانون وتحترم التنوّع، وهذا ما يكرِّسه الدستور اللبناني والقرارات الدولية.

- أخيرا ، يجب التنبُّه إلى أن تسييس الدين في قضايا علمية خطيرٌ وجبان وخبيث، كما حدث في مسالة التوقيت الذي أتى القرار فيه مخالفاً لأحكام الدستور. وبالتالي فإن كل نزعة لتطييف هذه المسألة يخدم أركان منظومة الحكم، وقواعدهم المضلِّلة لشدِّ عصبٍ زعاماتي، وبالتالي يجب التنبه إلى أن "حلف الأقليات" يحاول استنهاض نفسه بالتطرُّف بعد نكساتٍ كبيرة تعرَّض وسيتعرَّض لها.

وتختم المصادر" خُلاصات تستدعي التأمُّل ووقفة حق مع الذات، فهل من يتَّعظ؟".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o