Jan 31, 2023 5:55 AM
مقالات

هل انتهت صلاحية الهلال الشيعي؟

يزداد اليقين لدى اللبنانيين مع كلّ إشراقة شمس باستحالة توصّل السياسين الى مخارج للأزمات اللبنانية المتلازمة والمتوالدة في كلّ مفاصل المرفق العام. إنضمت الأزمة القضائية الى سابقاتها في الرئاسة الأولى والإقتصاد بعد الفشل في تأمين الحدّ الأدنى من الإصلاحات في مرافق الأمن الإجتماعي. تعبّر المقاربات التي يطلقها السياسيون الممسكون بالملف الرئاسي وآخرها المؤتمر الصحفي للوزير السابق جبران باسيل عن نرجسية عميقة لا تتيح إمكانية للخروج من الأزمة بمعزل عن أشخاصهم أو عبر رؤاهم التي لا تقبل النقاش، ولا يختلف في هذا المقام حزب الله عن حليفه الذي يُضفي على خياراته الرئاسية كما التحريرية قبلها فرادة وتألقاً لا يدركه أحد سواه.

يصبو اللبنانيون جميعاً ومعهم القادة النرجسيون الى لقاء باريس المرتقب التي سيعقد في السادس من شهر فبراير القادم بمشاركة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف، مستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، ونائب وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالعزيز الخليفي ــ وبإنتظار تأكيد المشاركة المصرية ــ والى إمكانية الوصول الى ورقة سياسية واضحة تتضمن برنامج عمل للخروج من الأزمة السياسية. يستند السقف السياسي لإجتماع باريس الى مرتكزات ثلاث، البيان الصادر عن إجتماع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الأخير إلى الرياض، والمبادرة الكويتية التي حازت توافق جميع دول الخليج حول الرؤية لحلّ الأزمة اللبنانية واستعادة العلاقات مع الدول العربية ودول الخليج العربي وآخرها البيان الثلاثي الذي صدر عن ممثّلي الولايات المتّحدة والسعودية وفرنسا في نيويورك على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتّحدة.

وبالتوازي مع غياب إيران أو من يحمل طموحاتها عن اللقاء الباريسي تعيش الجمهورية الإسلامية وأذرعها ظروفاً غير مسبوقة أقل ما يُقال فيها أنها تعبّر عن سخط دولي حيال سلوكها ورغبة واضحة في تقليم طموحتها. فما الذي تبدّل بعد عهود من التسامح الدولي حيال كلّ ما ارتكبته طهران من إنتهاكات لسيادة الدول وتهديدها لإستقرار المنطقة وأمن الملاحة البحرية؟ وهل تجاوزت طهران الخطوط الحمراء؟

لا بد من التوقف عند التزامن بين الضربات الموجعة والمكثفة التي تتعرّض لها الميليشيات الإيرانية في الشمال الشرقي لسوريا وتحديداً في منطقة البوكمال، والهجمات بالطائرات المسيّرة التي ينفذها الموساد الإسرائيلي على البنيّة التحتية الإيرانية لتطوير الصواريخ والمسيّرات في أصفهان والحرائق في تبريز والإنفجارات في همدان خلال ليل يوم السبت المنصرم والذي أطلقت عليه الصحف الإيرانية» ليلة السبت الكثيرة الأحداث» وتأكيد مصادر أميركية بكلّ وضوح أنّ هذه الهجمات تنفذها إسرائيل، بالإضافة الى المطالبة الأميركية للعراق بتقليص العلاقات المالية مع كلّ من إيران وسوريا ولبنان، وتوجّه وزير الخارجية القطري الى طهران لنقل رسالة أميركية بضرورة إنهاء الموضوع النووي.

تؤكد الهجمات بالمسيّرات على عمق الإختراق الإسرائيلي للساحة الإيرانية ويؤكّد الإعلان الأميركي عن مسؤولية إسرائيل مباركة الولايات المتّحدة للنشاط الإسرائيلي في الداخل الإيراني، وربما المشاركة به. لم تأخذ طهران بعين الإعتبار هواجس الأوروبيين وردات الفعل المترتبة على وصول صواريخها عبر روسيا الى حدود القارة وتهديد مدنها، وأخطأت حين اعتقدت أن تهديد أوروبا لن يقصيها عن دورها في تهديد أمن المنطقة. تتلمس أوروبا والولايات المتّحدة حجم التهديد الذي تعرّضت له المنطقة العربية ونتائج إحجامها عن اتّخاذ ما يلزم من إجراءات في حينه.

من جهة أخرى، تعبّر الضربات المتلاحقة لمنطقة البوكمال (ثلاث ضربات في أقل من 24 ساعة) عن أكثر من رسالة أميركية بقطع شريان التواصل الساحتين العراقية والسورية وربما إنهاء دور منطقة البوكمال ومدينتها في تشكيل المحطة الرئيسة لوصول التعزيزات للميليشيات الإيرانية في لبنان وسوريا، بل إقفال الطريق الرئيس لمشروع إيراني يعود لأربعة عقود وقطع أوصال هلال شيعي يمتد من العراق عبر سورية إلى البحر الأبيض المتوسط.

وبالتوازي مع استعراض القوة الأميركي - الإسرائيلي والسخط الأوروبي على طهران والإلتزام الخليجي الواضح والواثق بدوره وثقله في التعامل مع الأزمة اللبنانية كأزمة إقليمية، لن يخرج لقاء باريس عن خارطة طريق تلتزم إتّفاق الطائف، وإنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة قادرين على استعادة الثقة الدولية بلبنان من خلال الإلتزام بالقرارات الدولية ووقف استخدام لبنان كمنطلق أو ساحة لاستهداف الدول العربية كشروط ملزمة لدعم لبنان. فهل يكون لقاء باريس مقدّمة لطرح مستقبل وصلاحية الهلال الشيعي؟

خالد حماده - اللواء
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o