Aug 18, 2022 4:06 PM
خاص

تقارب بوتين -أردوغان... مصالح آنية أم أهداف بعيدة المدى؟

المركزية – مرة أخرى، التقى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان منذ أسبوعين في منتجع سوتشي، في اجتماع هو الثاني في 17 يوما، منذ القمة الأخيرة التي شاركهما فيها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في طهران.  كما أنها الزيارة التاسعة لإردوغان إلى روسيا منذ 2019، والثانية إلى "سوتشي" منذ شهر أيلول 2021، بينما يعتبر الزعيم الوحيد في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يلتقي بوتين وجها لوجه، للمرة الثانية، منذ اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا. فما هي الأسباب التي دفعت الزعيمين الى عقد لقاءين في هذه المدة الزمنية القليلة؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": "ان القمة بين بوتين واردوغان التي انعقدت اخيرا في سوتشي، تخللها بحث في نقاط اساسية قد لا يكونان اتفقا حولها، لكن كان همهما ان يصلا الى معادلة ما. تخللت القمة ثلاثة ملفات للنقاش: الأول هو العلاقة التركية الروسية، والموقف من أزمة كاراباخ المتسارعة التي تفرض نفسها ميدانياً على وقع الاشتباكات المتصاعدة بين أذربيجان وأرمينيا، والتي أصبحت تركيا جزءا منها نظرا لأمرين: وجودها كقوة سلام في اتفاق ناغورني كاراباخ وعلاقتها مع الجانب الاذربيجاني من جهة والارميني من جهة أخرى، الذي بدأ بفتح علاقات دبلوماسية قد تنتهي باتفاقات بين البلدين وفتح الحدود وربما تبادل سفراء. الملف الثاني، هو شكر من بوتين لأردوغان على اتفاق إخراج الحبوب من المرافئ الاوكرانية، ما سيسمح لتركيا بتثبيت دورها على المستوى الدولي وقد تفرض نفسها كوسيط قادم في أزمات أخرى. أما الملف الثالث فهو السوري حيث يحاول بوتين ان يقنع اردوغان ألا يدخل في عملية تطهير لمنطقة شرق الفرات، الامر الذي سيؤدي في حال حصوله الى إضعاف موقف حليفه السوري. كما ان روسيا لا تريد ان تدخل في أزمة مع تركيا او فرض وجود جيش جديد في سوريا لأنها منشغلة في اوكرانيا، لذلك تحاول إقناع أردوغان بأنها تتفهم مخاوفه، وتدعوه الى ترك الجيش السوري يتولى أمن هذه المناطق وبالتالي تكون موسكو قد سجلت نوعا من انتصار جديد لنظام بشار الاسد باحتواء الاكراد"، مشيراً إلى ان "الوضع في سوريا ينذر بالخطورة لاسباب عديدة، منها الوضع الروسي غير المستقر والتدخلات الايرانية التي تحاول تعبئة الفراغ لدعم حليفها الاسد، وفي الوقت نفسه تهديد الاسرائيلي الدائم بقصف كل التحركات والمناطق التي تستخدمها عصابات او مجموعات موالية لايران". 

 ويتابع: "إلا ان روسيا لم تستطع اختراق الاتفاقات الثلاثة، لكنها توقفت أمامها، لأن اختراقها صعب نتيجة مصلحة كل طرف من الطرفين وتحالفاته في المنطقة وكيف ينظر الى علاقاته الجيوسياسية فيها، لذلك تخطى الطرفان في نقاشهما عملية الاتفاق على الخروج بخلاصات لهذه الاتفاقات الثلاثة وذهبا أبعد من ذلك، الى ما يربط تركيا بروسيا من علاقات اقتصادية تجارية تجسدت من خلال بناء خط انابيب النفط "تركيش ستريم" الذي ينقل الغاز الروسي عبر بحر قزوين ويمتد من العاصمة الأذربيجانية باكو إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط،. وبالتالي فضّل الطرف الروسي التحدث في الفوائد الاقتصادية طالما لم يستطع الفريقان الوصول الى نقطة التقاء حول الفوائد الجيوسياسية والملفات الساخنة. وبالتالي سيؤدي هذا الخط خدمات ليس لتركيا فقط وانما ايضا للاوروبيين، لأن هذا الخط لن يتم قطعه او توقيفه نتيجة عدم وقوعه ضمن العقوبات، وبالتالي سيذهب هذا الغاز الى اوروبا وبطريقة جديدة عبر الخط التركي وليس عبر الخطوط الروسية، الأمر الذي سيحقق فائدة ثانية للاتراك بجني أرباح الغاز الى جانب جني فوائد من اتفاق الحبوب الذي تم عقده وارساله كله الى موانئ تركيا ومنها الى مناطق أخرى في العالم، لأن هذا الاتفاق شمل 25 مليون طن على مدى ستة أشهر". 

 ويعتبر العزي ان روسيا عمّقت العلاقة اكثر مع تركيا من خلال الاتفاق على إتمام عملية الدفع ما بينهما بالروبل والليرة التركية، وبذلك تكون موسكو فتحت اسواقها امام التجار الاتراك لكي يملأوا الفراغ الذي تركته الشركات الاجنبية التي التزمت بالعقوبات، وبالتالي عممت التعامل بالـ "فيزا كارت ميرا" الروسي التي تسمح للروس استخدامها في المصارف التركية. والاهم من ذلك انهم يبنون محطة نووية للطاقة الحرارية "اكاوا" في تركيا والتي هي خطوة جديدة بالنسبة للعلاقات التجارية الاقتصادية الروسية، بالاضافة الى فتح وتعويم خط السياحة الروسية نحو تركيا لأن الشركات الروسية تتخوف من الذهاب الى المنتجعات على البحر الاسود وان تتعرض الى اطلاق نار او اي اعمال عدائية في ظل الحرب الروسية الاوكرانية".  

ويختم: "من هنا يحاول الروس ان يجعلوا من تركيا نافذتهم على العالم والرئة التي يتنفسون من خلالها. لذلك وبالرغم من العلاقة المتوترة الدائمة بين روسيا وتركيا، نرى موسكو تحاول بشتى المجالات المحافظة على علاقة مع أنقرة، وترطيب الاجواء وتدوير الزوايا لأن تركيا في النهاية عضو في "الناتو" وعبرها ستتم الرسائل المتبادلة بين الطرفين". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o