Jun 29, 2022 4:49 PM
خاص

المبعدون قسرا إلى إسرائيل..."حقن يرجعو" لتتويج العهد أم "حقن رصاصة" لدى الحزب؟

المركزية – أن تستفيق الدولة، ولو في توقيت وظرف غير طبيعيين على موضوع اللبنانيين المبعدين إلى إسرائيل أفضل من أن تبقى غارقة في صمت القبور على ملف إنساني وأمني وإجتماعي منذ حوالى 22 عاما! وحسناً فعلت أنها تذكرت أن لا يزال هناك حوالى 2700 لبناني يعيشون في إسرائيل بعدما فروا خوفا من أن يُحكم عليهم مرتين. الأولى، لأنهم انتسبوا إلى جيش لبنان الجنوبي بعدما تخلت  الدولة عن مسؤولياتها ووضعتهم أمام خيارين إما الموت حصارا وجوعا او التعامل مع العدو الاسرائيلي، وهذا ما شكل اسوأ الخيارات"، والثانية هربا من ظلم "الحاكم العرفي" الذي هددهم إما بالقتل في حال البقاء أو بالخضوع لأحكامه العرفية! فكان الخيار الثالث الهرب إلى ما وراء الحدود.

الإجتماع الذي يعقد في الرابعة عصر اليوم في وزارة العدل ويضم الوزراء في حكومة تصريف الاعمال العدل هنري خوري، والداخلية والبلديات بسام مولوي، والثقافة محمد مرتضى، ‏والشؤون الاجتماعية هكتور حجار لم يفاجئ اللبنانيين وحسب إنما أيضا الوزراء، حيث صرح حجار لإحدى وسائل الإعلام انه "تلقى الدعوة الى الاجتماع من دون ان يعلم تفاصيل عنه"، وقال، "ممكن أن تكون هذه اللجنة قديمة ‏مؤلفة من حكومة سابقة وتضم وزراء العدل والداخلية والثقافة والشؤون الاجتماعية ويُعاد احياؤها، لكن لم نعرف بعد لأي هدف. ومن ‏الممكن ان يكون الوزير خوري على علم بتفاصيل الموضوع وسبب الدعوة".فهل ثمة قرار بأن يتوج العهد آخر أيامه بإقفال ملف "المبعدين قسرا إلى إسرائيل"؟ أم أن الدولة استفاقت من كبوتها بعدما وافقت الحكومة الإسرائيلية يوم الأحد الفائت على مشروع قانون يمنح حوالي 400 من المحاربين السابقين في "جيش لبنان الجنوبي"، الذين يعيشون في إسرائيل، مساعدات مالية قدرها 160 ألف دولار، لشراء منازل، بحسب ما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية؟ وهل ما زال شعار "حقن رصاصة" يسري بعد مرور 22 عاما على الإبعاد وانتزاع الهوية الوطنية والجغرافية والإجتماعية عن حوالى 2700 لبناني في إسرائيل أم "حقن يرجعو"؟

المحامي والدكتور في القانون الدولي والدستوري أنطوان سعد الذي وضع اقتراح قانون كاملا يراعي المعايير الإجتماعية والإقتصادية لإعادة اندماج المبعدين إلى إسرائيل قسرا بالمجتمع اللبناني يوضح لـ"المركزية" أن حوالى 3000 لبناني يعيشون في اسرائيل والاخرون موزعون على دول أخرى وعددهم يفوق الـ5000 وهؤلاء عودتهم أسهل". ولفت إلى أن ثمة جيلاً جديداً ولد وترعرع في اسرائيل ونال الجنسية الاسرائيلية وشهادات مدرسية وجامعية اسرائيلية وبات من الصعب تعديل وتشريع الشهادات في لبنان ومنهم من لا يحمل أي جنسية والبعض ما زال يحمل الجنسية اللبنانية. وعن الجدل الحاصل حول نيل عدد من المبعدين الجنسية الاسرائيلية، واتهامهم بالخيانة العظمى يقول: "ما فيك تكون مش من مطرح. نالوا الجنسية الاسرائيلية لكي لا يكونوا من دون هوية للتمكن من العيش خارج لبنان" لافتا إلى أن هؤلاء "اقتُلعوا وحُرموا من ارضهم تحت التهديد من حزب الله  وعلى الدولة ضمان امنهم ان عادوا الى لبنان".

حتى الأمس كل الإقتراحات القانونية والقوانين التي تقدم بها نواب إلى المجلس النيابي سقطت برفع أصابع نواب حزب الله وحلفائهم وحتى من قبل بعض النواب الذين يدعون السيادة والإستقلال فقط لأن أحداً منهم لا يريد ان يزعل الحزب. فماذا تغير اليوم وفي هذه الظروف وهذا التوقيت حتى تستفيق الدولة ويحدد وزراء في حكومة تصريف الأعمال موعدا للقاء والبحث في موضوع أوضاع المبعدين قسرا إلى إسرائيل؟

يكشف المحامي سعد أن فتح الملف في هذا التوقيت يندرج في إطار تسوية شاملة ويقول: "بكل بساطة ربما بات هؤلاء المبعدون يشكلون عبئاً على إسرائيل وجاء الوقت لتسوية أوضاعهم وربما يريد التيار الوطني الحر تسجيل إنجاز في نهاية عهد الرئيس ميشال عون من خلال إيجاد حل للمبعدين إلى إسرائيل بعدما كان طرح مشروع قانون يتضمن في بنوده محاكمة العائدين الذين فروا خوفا من الإضطهاد والتهديدات المباشرة من قبل حزب الله ولم يتبنّه الأخير فهل تبدلت معايير المقاومة لدى الحزب وباتت مسألة عودة المبعدين إلى إسرائيل خاضعة لتسويات داخلية وإقليمية؟

الرهان على إمكانية تبدل شروط الحزب والرضوخ ضمن شروط غير تعجيزية لعودة المبعدين من إسرائيل ينطلق من توقيع الرئيس نبيه بري على اتفاق الإطار مع إسرائيل لترسيم الحدود. وتعقيبا، يرجح سعد أن فتح ملف المبعدين اليوم وفي هذه الظروف يحمل أكثر من احتمال "إما أنهم باتوا يشكلون عبئا على المجتمع الإسرائيلي لا سيما لجهة الإندماج بحيث يفترض تغيير ديانتهم أو أن التيار يريد تتويج العهد بإقفال هذا الملف ومنح الرئيس عون وسام البطولة".

يبقى موقف حزب الله الخاضع في هذه الظروف لتسويات إقليمية. وفي السياق يختم سعد: "أرجح أن حزب الله سيوافق على مسألة عودة المبعدين إذا كان التوقيت محددا من قبل الحكومة الإسرائيلية".

حتما ثمة مبعدون يترقبون اللحظة التي سيعودون فيها إلى تراب الوطن أحياء لكن الأكيد أن غالبية المبعدين يفضلون البقاء وراء الحدود ليس عشقا بالمساحة التي استضافتهم كمبعدين أو لأنهم يفضلون البقاء كجالية لبنانية في إسرائيل، إنما لأنهم تأكدوا أنهم باتوا ورقة تسوية بين أيدي حكام المنظومة المتعاقبين على العهود.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o