Jan 19, 2022 6:23 PM
خاص

الساعي حرر وديعته المصرفية بالقوة..هذه قصته وتفاصيل معاناته!

المركزية- هو قرار قضائي يمكن تصنيفه عن حق ضمن "عجائب الدنيا السبع" التي ما عادت تتسع الارقام  لكثرة ما اضاف اليها لبنان. حينما يتحول صاحب الحق الى مجرم والمجرم صاحب حق... قد يجوز استنادا الى النص الحرفي لأحكام القانون الجاف اصدار النائب العام الاستئنافي في البقاع منيف بركات قرار "ضبط مبلغ الـ 50 الف دولار، الذي إستحصل عليه امس المواطن عبدالله الساعي من وديعته في فرع بنك بيروت والبلاد العربية في جب جنين تحت التهديد، لكونه ناتجا عن جرم، سيما وأنه حصل عليه بعد إتخاذه موظفي المصرف رهائن ورشه مادة البنزين مهدداً بإضرام النار." لكن غير الجائز هو تجاهل الشق الانساني في القضية وعدم وضع المعاناة التي حدت بالساعي الى فقدان صوابه واعتماد الوسيلة العنفية لتحصيل حقه بندا اول في مطلق قرار يتخذه القضاء على الاطلاق.

وفيما تردد ان الساعي بدأ اضرابا عن الطعام، لم يخفف البيان التوضيحي الصادر عصر اليوم عن المكتب الاعلامي لمجلس القضاء الاعلى، الذي اشار الى ان قرار بركات اتخذ الى حين البت في مسألة تسليم المضبوطات من قبل المرجع القضائي المختص"، من وهج الادانات الشعبية للاجراء القضائي المصنف "جائرا واكثر" ، خصوصا اذا ما اخذت الجهات المختصة في الاعتبار واقع حال الرجل الذي اقتصر هدفه على تحرير وديعته لا على الحاق الاذى بموظفي المصرف.

وتقول مصادر مطلعة على القضية لـ"المركزية" ان قرار النيابة العامة في البقاع بضبط الخمسين الف دولار التي إنتزعها الساعي عنوة من المصرف يعني أنه إعتبر الفعل سرقة. وهذا خطأ في وصف الفعل. فالسرقة هي أخذ مال الغير. و الوديعة تستوفى ساعة يشاء المودع، و لو قبل تاريخ الإستحقاق.اذا المودع الذي يسترد وديعته، بالقوة، ليس بسارق، فهو استوفى حقه بالقوة.

وتشرح ان الرجل وهو من بلدة كفريا في البقاع الغربي ومتزوج من اجنبية، كان يعيش في فنزويللا ويجني المال بعرق جبينه على مدى سنوات ويرسله الى لبنان الذي قرر على اثر خسارة جزء من ثروته هناك العودة اليه وفي حوزته نحو 400 الف دولار اودعها في المصرف الذي تمنّع عن تسديدها خلال الازمة الا بموجب شيكات مصرفية، وقد اضطر الى الرضوخ للأمر الواقع حتى تبقى له مبلغ 50 الف دولار. وبعد عودته الى لبنان افتتح الساعي كشكاً لبيع المرطبات والقهوة في شتورا ولم يكن يدر عليه ما يكفي ليؤمن معيشته وعائلته في ظل الظروف المعيشية والاقتصادية الضاغطة، ما اضطره الى الاستدانة. ولما تراكمت الديون، ولسوء حظه تعرض كشكه للسرقة منذ يومين، ففقد صوابه وتوجه الى المصرف مطالبا بتحرير وديعته، ولما لم يلقَ تجاوباً مع طلبه ولو بموجب شيكات، بلغ به اليأس حد استخدام الوسيلة العنفية، فحمل  سلاحاً فردياً، وعبوتي بنزين، وتوجه إلى المصرف في جب جنين فدخله وسكب على نفسه وعدد من الموظفين مادة البنزين، مهدداً بإشعال النيران، ان لم يحصل على مبلغ الـ50 الف دولار. وبعد مفاوضات دامت ساعات وتحت وطأة التهديد باشعال النيران كان له ما اراد فاستحصل على المبلغ وسلمه الى زوجته التي طلب حضورها الى المكان فأخذته وغادرت مسرعة قبل ان يسلم نفسه الى الاجهزة الامنية علما ان شقيقه ضابط عسكري وقد حضر الى المصرف خلال المفاوضات.

القضية شكلت عبرة للكثير من المودعين الذين "استحسنوا" فكرة تحرير ودائعهم بالقوة بعدما عجزوا عنها بالحسنى، الا ان القضاء ارتأى وضع حد لأملهم هذا بتوقيف الرجل واصدار مذكرة بحث في حق زوجته الفارّة وفي حوزتها ما تبقى من جنى عمر الساعي، علّها تسد به ديونا تهدد العائلة وتقيها بما تبقى فقرا وعوزا  يقبع في ظله لبنانيون كثر ممن صودرت ودائعهم. وبين القانون وضوابطه والانسانية وموجباتها يحتار المرء على اي ضفة يقف...معضلة يعجز عن فك شيفراتها ابرع العلماء وأفقه الفقهاء وليس الامر عجيباً، ما دامت تحصل في بلد العجائب!

***
 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o