May 05, 2021 7:49 AM
صحف

إعتذار الحريري "آخر الكيّ".. هل يهزّ الطاولة أو يقْلبها على الجميع؟

بيّنت مستجدات المواقف المتصلة بملف التأليف عشية زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بيروت، أنّ الخطوط البيانية للخريطة الحكومية "تشربكت" وتشقلبت معها الأولويات رأساً على عقب، لا سيما مع بروز مسألة اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن مهمة التأليف، تحت تأثير ضخ مبرمج للشائعات التي تحدثت عن استثناء لودريان "بيت الوسط" من جدول لقاءاته، الأمر الذي نفته مصادر واسعة الاطلاع في بيروت ل"نداء الوطن" مؤكدةً أنّها أنباء عارية من الصحة "معلوم من يقف وراءها"، مشددةً على أنّ "اعتذار الحريري ليس مطروحاً في الوقت الراهن إنما هو بطبيعة الحال يبقى من الخيارات المطروحة أمام أي رئيس مكلف باعتباره يأتي بمثابة "آخر الكيّ"، في حال استمرت جائحة التعطيل مستحكمة بمصير البلد وأبنائه، وعندها سيكون لكل حدث وحادث حديث يُبنى عليه في رسم معالم المشهد اللبناني بشكل عام وليس بشكل حكومي خاص"!

كشفت مصادر موثوقة لـ "السياسة"، أن "العهد لن يسهل مهمة الحريري، لأنه لا يريده رئيساً للحكومة، وإنما سيدفع به للاعتذار، لأنه يريد الإمساك بقرار الحكومة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، تمهيداً لضمان وصول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إلى منصب رئاسة الجمهورية في الـ 2022" .

وفيما كانت التقديرات والمعطيات المتوافرة عن زيارة لودريان الذي يصل بعيد منتصف ليل الاربعاء تشير إلى أن ما بعد محطة رئيس الديبلوماسية الفرنسية لن يكون كما قبْلها على صعيد «الإجراءات» التي ستتخذها باريس رداً على إفشال مبادرتها المتعلقة بتشكيل الحكومة رغم كل التراجعات التي قامت بها في الأشهر الثمانية الأخيرة، فإن مؤشراتٍ برزت في الساعات الماضية إلى أن محطة الوزير الفرنسي ربما لن تكون مفصلية فقط لجهة انكشاف مصير المسعى الذي كان الرئيس ايمانويل ماكرون أطلقه من بيروت وتالياً إمكان انتقال الاليزيه إلى التدابير الزاجرة التي أُعلن أنها باتت جاهزة على شكل «إجراءات تقييدية من حيث الوصول الى الأراضي الفرنسية ضد الشخصيات المتورطة في الانسداد السياسي الحالي او المتورطة في الفساد»، بل أيضاً على مستوى الشقّ اللبناني من المأزق الحكومي وتحديداً مسار التكليف في ضوء وضْع اعتذار الحريري على الطاولة للمرة الأولى منذ تسميته في أكتوبر الماضي.

علّوش: ورغم أن أي مؤشرات حاسمة لم تبرز حيال إمكان اعتذار الحريري، إلا أن مجرّد التلميح إلى هذا الخيار من قريبين من الرئيس المكلف سواء بصيغة مصادر أو قياديين في تيار «المستقبل» ممثل نائب الرئيس مصطفى علوش، الذي قال إن الحريري يدرس خيارات لكسر الجمود، لافتاً الى ان «الخيارات مفتوحة في حال اعتذر الرئيس الحريري، ومرحلة الترقب لن تطول ومن المفترض ان يكون هذا الأسبوع حاسماً»،و يُعتبر أمراً بالغ الدلالات وسط اعتبار أوساط سياسية أن هذا التلويح يمكن قراءته على أنه واحد من أمريْن:

* الأول أنه بوجه لودريان بعد المعلومات المتضاربة عن جدول لقاءاته في بيروت وما أفيد عن أنها تقتصر حتى الساعة على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

ورغم تقارير من باريس تحدثت عن أن الحريري مشمولٌ بلقاءات لودريان، فإن أي تأكيد رسمي فرنسي لم يكن صدر حتى بعد ظهر أمس، وسط توقف الأوساط السياسية عند المناخات السلبية التي برزت من أجواء رؤساء الحكومة السابقين حيال باريس على خلفية أي محاولةٍ لمساواة زعيم «المستقبل» بالأفرقاء الآخرين ولا سيما رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في سياق «توزيع المسؤوليات» عن عرقلة مسار التشكيل الذي يَعتبر هؤلاء أن الرئيس المكلف يديره وفق مندرجات المبادرة الفرنسية بمنطلقاتها الرئيسية (حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين) وبما لا يسمح بالتسليم بحكومة «كيفما كان» وبتوازناتٍ تحمل بذور تفجيرها من الداخل، وبما يراعي أيضاً الحاجة إلى مظلة عربية - دولية واسعة تتيح إطلاق ورشة إنقاذ لبنان من الانهيار المالي.

* والثاني أن التلويح بالاعتذار يعبّر عن «تفكير» جدّي بين محيطين بالحريري بأن هذا الخيارَ قد يكون الأنسب في هذه المرحلة «الانتقالية» على صعيد المنطقة و«الحارقة» على المستوى اللبناني لأي شخصيةٍ ستغامر بتلقُّف «كرة نار» الانهيار ومحاولة وقْفه بإجراءاتٍ مؤلمةٍ وقد تكون «قاتِلة» على مشارف انتخاباتٍ نيابية (بعد نحو سنة)، وأن زيارة لودريان وعدم مقابلتها من الأطراف المعرقلة بأي تنازلاتٍ قد تشكّل فرصة «لانسحابٍ» يضع الجميع في الداخل أيضاً أمام مسؤولياتهم عن إضاعة ما اعتبره الحريري مراراً «فرصة ذهبية» للإفلات من الارتطام المروع.

وشكّكت هذه الأوساط بما يجري الترويج له من أن الحريري خسر الغطاء الدولي لتكليفه، لافتة إلى أن ما كُشف عن زيارة قام بها المبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ‏ميخائيل بوغدانوف لباريس (قبل زيارة باسيل لموسكو) ولقائه المسؤول عن الشرق الأوسط ولبنان في الإليزيه باتريك ‏دوريل، عكس تمسُّكاً فرنسياً وروسياً بشخص الحريري لرئاسة حكومةٍ بلا ثلث معطّل لأي فريق، وسط رصْدٍ لِما إذا كان بدء اجتماعات وزراء خارجية دول «مجموعة السبع» في لندن أمس شكّل محور محادثات خصوصاً بين لودريان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن.

وفي موازاة اعتبار كثيرين أن لبنان ليس على أجندة الأولويات الأميركية في المرحلة الراهنة، فإن دفْع واشنطن لاستئناف مفاوضات الترسيم البحري بين بيروت وتل أبيب (كانت انطلقت في اكتوبر الماضي وعُلقت في ديسمبر)، يعكس حرص الولايات المتحدة على الاستمرار بالإمساك بهذا «الخيْط» التفاوضي وإحيائه بالتزامن مع مسار النووي الإيراني، في ظل اقتناعٍ بأنه حتى لو بدا أن قضية الترسيم لبنانياً انتقلت إلى إدارة عون، فإن الاستنتاجَ الأقوى يبقى أن واشنطن وطهران هما اللاعبان الرئيسيان تحت خيمة الناقورة.

فتفت: وليس بعيدا بعدما لاحظ وجود "تحولات اقليمية ستبدّل في صورة المنطقة جذرياً وتُدخل لبنان بالتالي في مرحلة مفصلية"، رأى الوزير والنائب السابق الدكتور أحمد فتفت أن الرئيس المكلف سعد الحريري "سيجد نفسه امام اربعة خيارات لا غير" وعدّدها كالتالي:

"الخيار الأوّل، إما أن يعتذر ويصارح الناس بحقيقة الاوضاع ويضع بالتالي كل طرف امام مسؤولياته.

الخيار الثاني، إما ان يستمر في الوضع القائم والمعقّد بفعل استمرار العراقيل، وقد بدأت الاصوات تعلو في محاولة لتحميله مسؤولية فشل التأليف علماً انه لا يتحمّلها.

الخيار الثالث، إما أن يؤلف حكومة كما يشتهون وهي حكومة مرفوضة دولياً وعربياً ومصيرها سيكون الفشل حتماً.

ـ أما الخيار الرابع، وهو خيار مستحيل، فيتمثل في أن يؤلف حكومة مهمة تضم اختصاصيين مستقلين بعد أن يوافقوا على إطلاق يده في تأليفها، علماً انه لو تحقق هذا الخيار فلن يسمحوا له بالعمل، بل سيزرعون امامه كل العراقيل الممكنة لتفشيله وعدم التمكّن من انجاز مهمته".

وأكد فتفت لـ"نداء الوطن" أن خطوة اعتذار الحريري، اذا حصلت، لن تشكل انتصاراً للرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل لوقت طويل، بل سيكون انتصاراً موقتاً فقط، لان استحقاقات البلد كبيرة وضخمة جداً"، متسائلاً: "هل سيكون عون قادراً على معالجتها"؟ وقال: "لقد جربناه ورأينا إلى أين أوصلتنا حكومته". 

ولم يبد فتفت اي قناعة "بأن المشكلة في البلد اسمها عون وباسيل بل هي تكمن في الدور الذي يؤديّانه لعرقلة الحلول ما دامت الورقة اللبنانية في يد ايران"، وأكد ان "لا احد يدرك كيف ستتطور الامور، علماً أن لا تطور إيجابياً حتى الآن".

كذلك اعتبر فتفت ان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان "لا يملك حلّاً سحرياً للمأزق اللبناني، ولا اعتقد ان العقوبات التي يهول بها سيكون لها اي تأثير، إذ ان اللعبة السياسية في المنطقة صارت مع الاسف اكبر من فرنسا التي تحاول انقاذ ما يمكن انقاذه، من وجودها في المنطقة كما تفعل روسيا اليوم". ولم يرَ فتفت ايضاً مواقف سعودية مستجدة وقال: "لطالما شكّل الشأن السعودي الهمّ الاول لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فكما نحن نقول لبنان اولاً، طبيعي ان يقول السعودية اولاً، وهذه الاولوية لا نستطيع الا ان نحترمها، والاولوية اللبنانية لا يمكن ان تكون الا عند اللبنانيين".

حسين: في المقابل، رأى عضو تكتل "لبنان القوي" مصطفى حسين أن "إعتذار الحريري ليس حلاً، بل إن الحل يكمن في تأليفه لحكومة، لأن التأخر في تسمية رئيس مكلّف جديد وتشكيل حكومة سيزيد من عمق الإنهيار، خصوصاً وأن رئيس حكومة تصريف الأعمال يرفض حتى اليوم عقد جلسة حكومية. أما وفي حال قرر الحريري الإعتذار، فعندها سيعود البحث عن أسماء جديدة قادرة على إنقاذ البلد".

وفي حديث مع "الأنباء" الإلكترونية، جدد حسين بدوره تأييد مع المبادرة الفرنسية، وأمل أن "تخلٍف زيارة لودريان أجواء إيجابيةً على الملف الحكومي"، دون أن ينفي أن "ما من شيء جديد في هذا الخصوص".

أما في ما يتعلق بالعقوبات الفرنسية المتوقعة، فتبيّن بحسب حسين أنها "قصة فاضية"، وأن "فرضها كان في سياق إنزال الضغوط على لبنان للسير بسياسات معيّنة بهدف الإستفادة من ثرواته البحرية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o