Dec 24, 2020 6:49 AM
صحف

الحكومة الى العام المقبل... وهذه هي نقاط الخلاف

كما كان متوقعاً، طارت الهدية الموعودة، والإيجابيات التي بشّرت بولادة الحكومة قبل عيد الميلاد، لم تكن سوى كلام فارغ اثبت بما لا يقبل أدنى شك، بأنّ الملف الحكومي لا يزال أسير لعبة تضييع الوقت، التي رحّلت تأليف الحكومة مبدئياً الى ما بعد رأس السنة. هذا إذا قرّر المشاركون فيها أن يوقفوا فعلاً هذه اللعبة، التي بدا معها تأليف الحكومة بالشروط المتصادمة فيه، وكأنّه تحت وطأة فصل خريفي طويل الأمد، تتساقط فيه اوراق الإيجابيات واحدة تلو الاخرى.

وكشفت المصادر لـ"الجمهورية" أنّ الحريري عرض على رئيس الجمهورية في اللقاء بينهما امس الاربعاء، ترك مسألة التأليف الى ما بعد رأس السنة. وفي تحليل المصادر لطلب الحريري هذا، "انّ العامل الخارجي وتحديداً الاميركي، يفرض انتظار تسلّم الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن مهامه في 20 كانون الثاني المقبل. اما بالنسبة الى العامل الداخلي، فلا يبدو انّ هناك ضمانات للحريري بالحصول على دعم ومساعدات مالية، وفي الوقت ذاته مطلوب منه رفع الدعم عن السلع وشدّ الأحزمة، وهو بالتالي يتحسب لهذا الامر وردّة فعل الناس".

نقاط الخلاف: وبحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ نقاط الخلاف الجوهرية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري ما زالت عالقة عند ما يلي:
اولاً، رفض رئيس الجمهورية تقزيم حصّته وحصّة "التيار الوطني الحر" في الحكومة الى حدود دنيا لا تنسجم مع حجم وموقع كليهما. فالحريري يطرح ان توزّع الحصّة المسيحية في الحكومة بين 5 وزراء يسمّيهم عون وفريقه، ووزيران للمردة ووزير للحزب القومي ووزير يسمّيه الحريري. وهذا الموضوع كان بنداً اساسياً في حركة الاتصالات التي توالت في الايام الاخيرة، ولكن من دون التمكن من الوصول الى حل وسط حياله. ما خلا انّها تمكنت من تليين موقف الحريري لناحية قبوله بأن يسمّي رئيس الجمهورية الوزراء المسيحيين، وليس هو.
ثانياً، اصرار رئيس الجمهورية على تسمية 7 وزراء مسيحيين في الحكومة يشكّلون الثلث المعطل في الحكومة. مقابل اصرار الرئيس المكلّف على تضمين حصّته في الحكومة وزيراً مسيحياً، وكذلك على رفضه بشكل قاطع منح اي طرف بعينه الثلث المعطل، على اعتبار انّ هذا الثلث بمثابة الإجازة لهذا الطرف بأن يتحكّم بالحكومة كما يريد، ويعدمها ساعة يشاء.
ثالثاً، اصرار رئيس الجمهورية على حقيبتي الداخلية والعدل، ذلك انّ هذا الامر سبق ان جرى بتّه مع الحريري في اللقاءات بينهما التي عُرضت فيها مسألة توزيع الحقائب على الاطراف، مقابل عودة الحريري الى التمسك بالداخلية، وعدم إسنادها مع وزارة العدل الى عون وفريقه.(هناك من دعّم موقف الحريري بعدم منحهما لعون وفريقه، بالتخويف من انّ اسنادهما الى عون وفريقه، معناه تحكّمه بالجانبين الامني والقضائي، اضافة الى الجانب العسكري عبر وزارة الدفاع، الامر الذي قد يؤدي الى ترجمة التحّكم بالجوانب الثلاثة، بخطوات لها ابعاد سياسية وغير سياسية ضدّ هذا الطرف او ذاك).
رابعاً، عودة الرئيس ميشال عون الى طرح توسيع الحكومة الى 20 وزيراً، فيما يؤكّد الحريري على حكومة من 18 وزيراً، وهذا ما سبق أن تمّ حسمه نهائياً في لقاءات سابقة مع رئيس الجمهورية.

الى ذلك، تردّدت في اجواء التأليف رواية اخرى، تفيد بأنّ العقدة ما زالت قائمة، من خلال اعتراض رئيس الجمهورية على إبقاء الحقائب الامنية او التي تحظى بالتكامل في ما بينها بيد طرف واحد، في إشارة الى احتفاظ الحريري بحقيبتي العدلية والداخلية من حصته، وسط معلومات عن تسمية القاضي الارثوذكسي زياد ابو حيدر وزيراً للداخلية ولبنى عمر مسقاوي السنّية للعدلية.

وبحسب الرواية، فإنّ التوزيعة الجديدة ما زالت مرفوضة من الرئيس عون، الذي يصرّ على واحدة من حقيبتي الداخلية او العدلية، رغم حصوله وفق التشكيلة الجديدة على حقائب الدفاع، الطاقة والاتصالات، بعد سحب التربية التي لم تكن مقبولة منه. مع الاشارة الى انّ عدداً من الأسماء التي كانت مطروحة في تشكيلة 9 كانون الأول قد تبدّلت، وظهرت اسماء اخرى بديلة، ومنها في وزارات التربية والاتصالات والثقافة والإعلام والأشغال.

وتشير الرواية، الى انّ وفق المعلومات التي سُرّبت ليلاً، انّ الحريري إستنفد ما لديه من مخارج للعِقَد المتصلة بالحديث عن التوازن في توزيع الحقائب او التصنيف الجديد لها، ما بين امنية واقتصادية وخدماتية، وهو ما يوحي بأنّ هناك من لا يريد للحكومة ان تولد قبل تصفية نوع من الحسابات الخارجية وتنفيذها على الساحة اللبنانية.

وتسرّبت معلومات، عن اجتماعات عُقدت ليل امس الاول في بعبدا، بعد اللقاء الرابع عشر بين عون والحريري، شارك فيه مسؤولون من "حزب الله"، تخلّلته اشارات واضحة الى الاعتراض على اعطاء المالية ليوسف خليل، وتحديداً لمن هو في اقرب المواقع الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في المصرف المركزي، وهو ما لم يُطرح حتى اليوم، فبقي البحث في مصير الداخلية والعدلية لتغطية العقدة الشيعية في وزارة المال. علماً انّه كانت هناك محاولة سابقة لاستغلال حقيبة الخارجية، التي اعترض على تسليمها رئيس "التيار الوطني الحر" الى الحزب التقدمي، الذي قيل انّها من حصّته في التوزيعة الأخيرة، وهو سبق لرئيس الحزب وليد جنبلاط ان سجّل اعتراضاً مبدئياً عليها.

وانتهت الرواية الى القول، انّه ان لم يتغيّر شيء في ذهنية من يقف وراء طروحات بعبدا، فإنّ 15 لقاء آخر لن تحلّ العِقَد المطروحة، ليس لصعوبتها بل لأنّها تُزرع كالألغام في طريق التأليف.

عون يرفض اسمين: من جهة ثانية، أشارت "الاخبار" الى ان في اللقاء الذي عُقد عصر الثلاثاء، كانَ الحريري حاسماً في رفضه "التنازل" عن حقيبتيْ الداخلية والعدل، عارضاً مكانهما وزارات خدماتية أخرى. وبما أن فرنسا تصرّ على أن "تسمّي" وزيري الطاقة والاتصالات، وأن وزارة الأشغال ستكون من حصّة الشيعة، اعتبر رئيس الجمهورية أن ما يعرضه الحريري لا يساوي ما سيحصل عليه هو، خصوصاً أن من بين الأسماء التي اقترحها الحريري لتولّي وزارتي الطاقة والاتصالات لبنانيين يحملان الجنسية الفرنسية وينتميان إلى حزب القوات اللبنانية! وهو الأمر الذي رفضه عون، مشيراً إلى عدم إمكان إعطاء حزب من المعارضة وزيرين، فضلاً عن أن ذلِك يُعطي الحريري الثلث المعطلّ، علماً بأنه لا يملِك أكثرية نيابية.

ومن بين السيناريوات التي تردّد أنها كانت موضع نقاش أيضاً، إعطاء 6 وزراء مسيحيين لعون، مقابل التفاهم على وزير مسيحي في الداخلية، على أن تكون الخارجية من حصّة الدروز.

أما "الشرق الاوسط" فلفتت الى ان لقاء الحريري يوم أمس مع عون لم ينجح في تذليل العقد العالقة وأهمها التي باتت تتمحور، بعد سقوط مطلب "الثلث المعطل"، حول مطالبة الرئيس عون بوزارتي العدل والداخلية، إضافة إلى الدفاع التي ستبقى من حصته، وهو ما يرفضه الحريري، لا سيما أن أي تعديل فيهما من شأنه أن يؤدي إلى إعادة توزيع جميع الوزارات الأخرى.

الى ذلك، كشفت مصادر مطلعة على حراك بعبدا أنه في لقاء عون والحريري أمس، جرى التداول بالتشكيلة الحكومية على ضوء ما طرح من نقاط في اللقاء الثالث عشر امس الاول، خصوصاً لجهة ان تكون الحكومة قادرة ومنتجة وفاعلة تتمتع بعدالة التمثيل الطائفي والمذهبي والتماثل بين المذاهب في توزيع الحقائب. وأوضحت المصادر لـ"نداء الوطن" ان "لم يتم التوصل الى اتفاق نهائي حول التشكيلة المقترحة من الحريري الذي لم تنفع محاولته تدوير الزوايا حول حقائب العدل والداخلية والطاقة في تليين موقف رئيس الجمهورية، الذي اصر على ان يكون القرار النهائي والحاسم له في هذه الحقائب، مع بروز عقدتين درزية رافضة لان تكون حقيبة الخارجية فقط من حصة الدروز، واصرت على حقيبتين للوزير الدرزي وكاثوليكية طالبت بالمساواة في التمثيل مع المكون الدرزي، وبالتالي دخلت معادلة جديدة تقول ان الحكومة يجب ان تكون حكومة تكافؤ حتى تستطيع ان تمارس مسؤولياتها في المرحلة المقبلة".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o