Dec 24, 2020 6:19 AM
صحف

إجهاض مبادرة بكركي.. والحريري يوشك على بق البحصة

قبل أكثر من 24 ساعة من حلول عيد الميلاد المجيد، كاد الرئيس المكلف سعد الحريري ان "يبق البحصة"، وان يكشف عن طبيعة "التعقيدات الواضحة التي تعترض التأليف"، مراهناً على ذكاء اللبنانيين ومتابعتهم لما من شأنه ان يفتح باب نور في دياجير مآسيهم المالية والحياتية والاقتصادية والنقدية الحالكة، واتجاه أنظار التهمة عندهم إلى فريق بعبدا، الرئاسي والحزبي والنيابي، وتحالفاته هنا وهناك.

ومع ذلك، لم يتأخر المشهد المضطرب، من الظهور فمع ساعات المساء الأولى، خيمت أجواء قاتمة على المشهد، وربما على المسار الحكومي، عبر اندلاع حرب مصادر، أعادت إلى الواجهة حرب "التيارين" البرتقالي (التيار الوطني الحر) والازرق (تيّار المستقبل) قبل المبادرة التي أطلقتها بكركي، لإعادة وصل ما انقطع..

وأشارت معلومات "اللواء" ان العقدة هي إياها، فقد رفض فريق بعبدا توزير القاضي زياد أبو حيدر في الداخلية، كما طرح اسم ندى عبد الساتر، كشخصية مقبولة من الجميع في وزارة العدل، ويتمسك الرئيس عون بالعميد المتقاعد جان سلوم للداخلية.

وعليه، لم يكن مستغربا لدى المصادر القريبة من بكركي، ما نتج عن لقائي الرئيس الحريري مع الرئيس ميشال عون بعد تدخل البطريرك الراعي لاعادة تسريع ملف تشكيل الحكومة الجديدة بعد حالة الجمود التي سادت هذا الملف مؤخرا، وقالت انه بالرغم من تجاوب عون والحريري استئناف المشاورات بينهما بمسعى والحاح من البطريرك، الا ان ما تكشف ليلة انعقاد اللقاء الاول يوم الثلاثاء الماضي، لم يكن يؤشر إلى امكانية انجاز ملف تشكيل الحكومة بالسرعة المطلوبة، بعدما تبين ان الفريق المحيط برئيس الجمهورية قد قبل مرغما على عقده تحت الحاح البطريرك الذي لم يجد مبررا مقنعا يستوجب استفحال ازمة تشكيل الحكومة العتيدة على هذا النحو، فيما المطالب والشروط الموضوعة لم تكن منطقية او دستورية. واشارت المصادر انه خلال الاتصالات التي اجريت ليل انعقاد اللقاء الاول لتذليل العقد وتضيق شقة الخلافات، انكشفت نوايا هذا الفريق المبيتة من العملية والتي تؤشر بوضوح الى رفضه الموافقة على تسريع عملية التشكيل متذرعا باعتراض مكشوف على كل مجمل الصيغة التي طرحها الحريري لتشكيل الحكومة وقالت، كنا كلما تجاوزنا عقدة حتى تطرح اخرى او يتم التلطي بمطالب او تمثيل الاطراف الاخرين، الامر الذي ولد انطباعا بوجود نوايا غير سليمة وهو ما ترجم عمليا بعرقلة تأليف الحكومة العتيدة ومن خلالها اجهاض مساعي البطريرك الراعي.

عملياً، لم يخرج الدخان الابيض من القصر الجمهوري حول معالجة العقد التي تحول دون تشكيل الحكومة كما كان مأمولاً، حيث استمر التباين بين الرئيس ميشال عون والرئيس الحريري حول حقيبتي العدل والداخلية، وحول اسماء بعض الوزراء حيث أن اي تعديل على العدل والداخلية سيؤثر على توزيع حقائب اخرى، وهذا ما دفع الحريري الى الاعلان ان تشكيل الحكومة ذهب الى ما بعد رأس السنة. فيما استمر الاعتراض الدرزي على لسان رئيس الحزب الديموقراطي النائب طلال ارسلان على التمثيل بوزير واحد ولو بحقيبتين. ومع ذلك إتفق الرئيسان على استمرار التشاور في اجتماعات لاحقة في الايام المقبلة.

وحسب مصادر رسمية مطلعة، فإن البحث ما زال يدور مكانه بالنسبة لتوزيع الحقائب على الطوائف، حيث يجد الرئيس عون ان التشكيلة تفتقد الى التوازن والعدالة في توزيع الحقائب المعتبرة سيادية وتلك الاساسية، كما ان إصرار الحريري على حقيبتي العدل والداخلية يجعل الامن والقضاء في يد جهة واحدة وهذا امر غير مقبول، وكانت تسريبات بيت الوسط تشكو منه بالقول ان عون يريد الدفاع والداخلية والعدل. وخلافاً لما تردد نفت المصادر ان يكون البحث قد دخل في اسماء الوزراء ليكون هناك اعتراض على احد منها من هذا الطرف او ذاك، مشيرة الى ان البحث لا زال محصوراً بتوزيع الحقائب على المكونات الطائفية والسياسية.

وأعربت أوساط بعبدا تأجيل الحريري العودة للتشاور مع عون، إلى ما بعد رأس السنة بدل ان يكون ما بين عيدي الميلاد ورأس السنة. وقالت المصادر ربما يريد ان يسافر ليمضي عطلة الأعياد مع عائلته.
وأوضحت أن لا مشكلة في حكومة الاختصاصيين وإنه يراد أن تكون الحكومة في إطار متكافىء كي تحكم وتقوم بمسؤولياتها في المرحلة المقبلة.

وافادت مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف تداولا أمس في التشكيلة الحكومية على ضوء نقاط طرحت بالأمس لجهة قيام حكومة منتجة وفاعلة، مشيرة إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بينهما حول التشكيلة الحكومية وتقرر التشاور بينهما في اجتماعات لاحقة في الأيام المقبلة. وقالت أن هناك نقاطا عالقة لا تزال تحول دون قيام الاتفاق أبرزها حقيبتي الداخلية والعدل. وفهم من المصادر إن الاسماء التي طرحت غير مقبولة وهي تشهد تباينا بين عون والحريري.

ولكن مصادر مواكبة قالت أن التعقيدات لا تتصل بوزارتي العدل والداخلية فحسب إنما في المقاربة الشاملة لكل الحقائب وإسقاط الحقائب على الطوائف والطوائف على الحقائب مشيرة إلى أن ليس هناك من ثلث معطل.
ولفتت إلى أن رئيس الجمهورية لا يعرقل إنما هو شريك حتمي وكامل في المسؤولية الدستورية وقالت أن على الرئيس المكلف أن يركز أكثر على مقاربات والاتفاق على مقاربة. واستغربت كيف تبدلت الأجواء الأيجابية بعد لقاء أول من أمس وتفكير الحريري بما طرحه رئيس الجمهورية على مدى ساعة وربع الساعة وذلك لأن الرئيس المكلف قال أنه لا يمكنه هنا وهناك. ولفتت إلى أنه لا يجوز نعقد الآمال أمام الشعب الذي يعاني ما يعانيه ونخيب اماله بفعل صراع في ظاهره سلطوي وهو أبعد من ذلك بكثير.

بدورها، قالت مصادر بيت الوسط ان المعلومات التي سربت من قصر بعبدا قبل زيارة الرئيس سعد الحريري اشاعت مناخاً سلبياً عن نتائج الاجتماع قبل حصوله. ولاحظت ان الاجواء الايجابية التي عكسها الرئيس الحريري كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتم العمل على استكمالها، غير ان وطاويط القصر تحركت ليلاً لتعكير الجو والاعداد لجولة جديدة من التعقيدات، على جري عادتها منذ التكليف.

ونبهت المصادر الرأي العام اللبناني من محاولات تزوير الحقائق التي يمارسها بعض المحيطين والمستشارين والمتخصصين بفتاوى التعطيل السياسي والدستوري. وقالت ان الرئيس الحريري لم ولن يتراجع عن موقفه الذي اعلنه قبل التكليف وبعد التكليف بوجوب ولادة حكومة من الاختصاصيين تتصدى للاصلاحات في القطاعات كافة ووقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وان اي محاولة لفرض حكومة تتسلل اليها التوجهات الحزبية لن يكتب لها النجاح مهما حاولوا الى ذلك سبيلاً. ولم تتأخر بعبدا في الرد، إذ ابدت مصادر مطلعة على موقفها استغرابها لما عممته مصادر بيت الوسط معتبرة أن ذلك يؤثر سلبا على مسار تشكيل الحكومة.

وشددت المصادر على ان الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تشكيل الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التشكيل في حين ان التشكيلة التي عرضها الرئيس الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير لاسيما من خلال التمسك مثلا بوزارتي الداخلية والعدل اللتين تتكاملان من حيث الامن والقضاء ولا يمكن بالتالي تسليمها الى فريق واحد. واضافت المصادر انه لا يمكن التصرف في تشكيل الحكومة على قاعدة one man show لان تشكيل الحكومات يخضع لنصوص دستورية توجب الاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لاسيما تلك الواردة في المادة ٥٣ من الدستور. واكدت المصادر ان لا وطاويط في قصر بعبدا ولا غرف سوداء ، لان رئاسة الجمهورية تعمل علانية وبوضوح وشفافية وعلى الملاء ، في حين ان الغرف السوداء موجودة لخدمة الراغبين في تعكير الاستقرار السياسي في البلاد وعرقلة تشكيل الحكومة واسقاط التوازن الوطني والمعايير الواحدة عنها. واكدت المصادر ان الرئيس عون لم يطرح حزبيين كمرشحين للتوزير بل اقترح اسماء اختصاصيين مستقلين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة لادارة الوزارات التي تسند اليهم.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o