Dec 05, 2020 6:14 AM
صحف

40 يوما على التكليف: قطبة مخفية أخّرت تقديم الحريري للتشكيلة الحكومية

أشارت "اللواء" الى ان "عدَّاد" الزمن يمضي، مسجلاً ان عملية تأليف حكومة جديدة، بعد قرابة الـ40 يوماً على تكليف سعد الحريري، باتت، وكأنها اكثر من معطلة أو جامدة، في ظل كلام عن تمديد اضافي لفترة البعض يربطها بنهاية العام، او لحين الزيارة الثالثة للرئيس ايمانويل ماكرون، ما لم تحدث مفاجآت، ليست في الحسبان، سواء ما خص كسر الجمود، او تعديل يطرأ على زيارة ماكرون او مبادرته. في ظل معلومات عن ضغط فرنسي واوروبي استثنائي، وغير منظور للخروج من الحلقة المغلقة.

ووصفت مصادر سياسية اساليب الابتزاز الملتوية التي يمارسها الفريق الرئاسي ضد الرئيس المكلف سعد الحريري لتغيير مواقفه من ادارة عملية تشكيل الحكومة الجديدة والانصياع للشروط والمطالب التعجيزية لهذاالفريق، بما فيها حصوله على الثلث المعطل، بانها عديمة الجدوى، ولن تجدي نفعا في تراجع الحريري عن التشبث بمتطلبات حكومة المهمة الانقاذية المرتكزة على المبادرة الفرنسية، بل على العكس تماما، زادته اصرارا على الإلتزام بهذه المهمة التي قبل تولي مسؤولية تأليف الحكومة الجديدة على اساسها. ولذلك، فلا الترويج عن فحوى مناقشات "بطولية" لرئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف وتحديد مواصفات الرفض او القبول لطروحاته خلال اللقاءات العديدة للتشاور حول تشكيل الحكومة العتيدة حققت مبتغاها، ولا الاعلان المسبق عن توجه عون لرفض التوقيع على التشكيلة الحكومية اذا لم تلب مطالب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بدلت مواقف الرئيس المكلف، او محاولة الايحاء بأن الاخير مسؤول عن تأخير ولادة الحكومة لانه لم يقدم تشكيلته لرئيس الجمهورية حتى الان، أعطت مفاعليها بتغيير الية عملية التشكيل، وحتى الايحاء زورا بان الضغوطات الاميركية تقف حائلا دون تراجع الحريري عن موقفه الاساس، فعلت فعلها واخيرا التلويح باعادة تعويم الحكومة المستقيلة بشتى اساليب مخالفة الدستور، كما حصل خلال الاجتماع الاخير للمجلس الأعلى للدفاع اعطت نتائجها المرتقبة، بل كل هذه المحاولات ذهبت هباء ومفاعيلها ارتدت سلبا على الفريق الرئاسي وابقت عملية تشكيل الحكومة تدور في حلقة مفرغة وانعكاسات الفراغ الحكومي تنهش بقوة ما تبقى من ولاية الرئيس، فيما ضغوطات المشاكل الاقتصادية والمعيشية تتفلت بلا ضوابط ومسلسل الأزمات يتزايد يوما بعد يوم، بينما يبدو العجز واضحا لدى الحكم والحكومة معا في عدم القدرة على استنباط الحلول لبعض هذه الازمات او حتى التخفيف من تداعياتها السلبية على المواطنين.

وتعتبر المصادر أن امعان الفريق الرئاسي بكل مكوناته في سلوك هذا المنحى الاستفزازي ضد الرئيس المكلف، لن يسهل عملية تشكيل الحكومة الجديدة ولن يؤدي الى تغيير مواصفات حكومة المهمة الى حكومة محاصصة ومستنسخة عن الحكومات السابقة التي فشلت في القيام بالمهمات المنوطة بها، ولانها مرفوضة داخليا من الشعب اللبناني ولن تلقى تجاوبا من الدول والمنظمات التي تنوي مساعدة لبنان لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها حاليا. ولذلك، وبكل بساطة تسريع ولادة الحكومة يتطلب تبديل اساليب الابتزاز الملتوية والتعاطي مع عملية التشكيل انطلاقا من أسس ومضمون المبادرة الفرنسية، وليس من خلال الالتفاف عليها وتفريغها من مضمونها كما يحاول الفريق المذكور القيام به .

وأحصت مصادر معنية ان اي اتصال لم يحصل، خلال الاسبوعين الماضيين، في ما خص السعي لاستئناف مساعي التأليف، بعد اللقاء الاخير، الذي عقد بعيدا عن الاضواء بين الرئيس عون والرئيس المكلف. وقالت مصادر مطلعة لـ"اللواء" أن الرئيس عون ينتظر أن تقدم إليه تشكيلة حكومية كاملة حتى يبدي رأيه فيها وفقاً للدستور، لافتة إلى أن كل الكلام الذي يشاع عن رفض مسبق للرئيس عون لأي تشكيلة حكومية ترفع إليه غير صحيح إذ أنه يبدي الرأي بإعتباره الشريك الأساسي في التأليف. وأفادت أن الرئيس عون يرغب بتأليف الحكومة سريعا واعتماد معايير واضحة تطبق على الجميع.

وبرّرت المصادر رئيس الجمهورية خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، وقالت: لم يتحدث عن بعض التوسع في عمل حكومة تصريف الأعمال إلا انطلاقا من حضها القيام بما يجب من مهام بإمكانها فعلها وفق ما ينص عليه الدستور لا سيما أن هناك أمورا لا يمكنها الأنتظار إلى حين تشكل حكومة جديدة وهذا لا يعني تعويما للحكومة المستقيلة لأن ما من شيء اسمه تعويم.

وعليه، لا يزال إنتظار زيارة الحريري الى القصر الجمهوري لتقديم تشكيلته الحكومية سيد الموقف. لكن مصادر مطلعة على موقف الحريري استغربت ما يُقال عن انه يريد فرض الاسماء المسيحية على الرئيس عون، وقالت لـ"اللواء": ان الحريري يحترم الدستور وهو مدرك ان الدستور يقضي بالتفاهم بينه وبين رئيس الجمهورية فقط على تسمية الوزراء. لكن المصادر قالت: ان هناك قطبة مخفية في مكان ما أخّرت تقديم الحريري للتشكيلة الحكومية بداية هذا الاسبوع، ولا نعلم ما هي لأن الحريري متكتم حتى على اقرب المقربين.

الداخل في غيبوبة: من جهتها، لفتت "النهار" الى ان المشهد السياسي الداخلي اتجه نحو غيبوبة مخيفة في ما يتعلق بمسار تأليف الحكومة يخشى ان تستغرق مدة غير قصيرة في ظل الخطورة التي رتبتها الرسالة السلبية المتعمدة التي اطلقتها رئاسة الجمهورية اول من امس عبر تحويل اجتماع مجلس الدفاع الأعلى بمثابة جلسة ضمنية لمجلس الوزراء على ما تنطوي عليه هذه المناورة من انتهاك ضمني للأصول الدستورية. وقد جاءت هذه الخطوة لتكشف، وفق مصادر معنية، المدى العميق والخطير للقطيعة التي باتت تتحكم بمسار تأليف الحكومة، اذ بدا قصر بعبدا كأنه أراد استفزاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والتلويح بامتلاك رئيس الجمهورية ميشال عون “بديله” الظرفي من تأليف حكومة يصر الحريري على ان تأتي مطابقة الى اقصى الحدود الممكنة لمعايير المبادرة الفرنسية. وأكدت المصادر ان الانسداد الحاصل في مسار التأليف والسابق لانعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني، كان يفترض ان يبدأ تبديده من خلال اطلاق جولة جهود جديدة ومشاورات عاجلة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كاستجابة فورية للمواقف الدولية المتصاعدة بكثافة وقوة استثنائيتين والضاغطة لتأليف الحكومة الجديدة كممر لا بديل منه لتوفير الدعم الأكبر للبنان في ازمته المالية والاقتصادية. ولكن شيئا من هذا لم يحصل بعد يومين من انعقاد المؤتمر ومشاركة الرئيس عون فيه شخصيا فيما بدأ كلام يتصاعد عن ترجيح مرور وقت طويل بعد قبل امكان اختراق الازمة ، كما بات من المشكوك فيه بقوة ان تؤلف الحكومة العتيدة قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان هذه السنة والتي يرجح تحديد موعدها النهائي في الأسبوع الأخير من كانون الأول الحالي. ولفتت المصادر المعنية نفسها الى ان اندفاع بعبدا الى التلويح ببديلها، ولو انه اُسلوب محكوم بالفشل خصوصا ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب رفض أي توريط له في خطوة غير قانونية وغير دستورية، كشف رهان الفريق الرئاسي على تحميل الحريري تبعة تأخير الحكومة فيما أسباب التعطيل كلها قائمة في الموقف الرئاسي وربما يراهن الان على دفع الحريري الى الاعتذار بعدما بلغه ان الأخير ليس في وارد التراجع ولا الاعتذار اطلاقا.  وفيما لا تزال سياسة الصمت تحكم موقف الرئيس المكلف وأوساطه مضت الأوساط التي تدور في فلك بعبدا في رمي كرة التأخير في مرماه فذهبت الى القول ان لا حكومة قبل العشرين من كانون الثاني بسبب فيتو أميركي على مشاركة حزب الله في الحكومة وان الحريري لن يقدم على تشكيلة تحرجه مع الثنائي الشيعي او تؤدي الى فرض عقوبات أميركية. وتوقعت استمرار الجمود في عملية التاليف الى حين امكان تمرير حكومة بشروط توافقية وذكرت بان لا اتصالات بين عون والحريري منذ اكثر من أسبوعين وان عون دعا الحريري آنذاك الى تقديم تشكيلة حكومية كاملة.

نصيحة: الى ذلك، كشفت مصادر معنيّة بملف التأليف لـ"الجمهورية"، عن نصيحة فرنسيّة متجددة، أُبلغت الى بعض المستويات السياسية، غداة انعقاد مؤتمر الدعم من أجل لبنان، تؤكّد على استفادة القادة اللبنانيين من زخم مؤتمر الدعم، واعادة تحريك ملف التأليف جديًّا، بما يكسر حلقة التعقيدات القائمة فيه.

بالتوازي، تحدثت مصادر عليمة ببعض المشاورات الجارية في الكواليس الدولية الى "الجمهورية"، عن إشارات توحي الى امكان نجاح بعض المحاولات الجارية من اجل تفكيك بعض العِقَد الحكومية في الايام القليلة المقبلة، والتي يمكن ان تفتح الطريق بما يؤدي الى حلحلة ما مطلع الاسبوع المقبل. ورفضت هذه المصادر اعطاء اي توصيف لهذه الإشارات، التي قالت انّها "إيجابية"، والتي لم يتلقفها او يتبناها اي مصدر لا في قصر بعبدا، الذي ينتظر إشارة ما من جانب الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، ولا في بيت الوسط، الذي يحتفظ بالصمت المطبق.

لا جديد: لا جديد على مستوى المشاورات الحكومية، وقد أفادت مصادر "المستقبل" أن "المشكلة الحقيقية تكمن في اصرار رئيس الجمهورية ميشال عون على الثلث المعطل بأي ثمن، وأنه يصرّ على 7 وزراء، اعتقادا منه بأن هذه الحكومة ستستمر حتى نهاية العهد، وفي حال لم يتمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس للجمهورية يكون بإمكانه السيطرة على الحكومة من خلال الثلث المعطل". واستبعدت المصادر تشكيل حكومة في وقت قريب، متخوفة من انهيار البلد والذهاب الى خيارات ليست في الحسبان.

في المقابل، قالت مصادر تكتل "لبنان القوي" إن "التكتل مستعجل أكثر من سواه لتشكيل الحكومة، وأنه لا يعلم سبب التأخير لأن المعني بالتأليف هو الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية وليس هناك من معلومات حول الأسباب التي تؤخر التشكيل حتى الآن". وأكدت المصادر أن "شرطها الأساس هو وحدة المعايير التي يجب تطبيقها على كل القوى السياسية وليس لديها أي شرط آخر".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o