Dec 03, 2020 6:25 AM
صحف

المفارقة المحزنة: ماكرون وفى بتعهداته... والطبقة السياسية لم تفِ بالتزاماتها!

لفتت صحيفة "اللواء" الى"المفارقة المحزنة" في مؤتمر باريس وهي ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفى بتعهداته، ونظم المؤتمر الثاني لمساعدة لبنان، بعد الانفجار في مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، لا سيما لجهة الاسراع باعادة اعمار ما تهدم منه، والاسراع بإعادته الى العمل. لكن المجتمع الدولي لمس، بما لا يرقى اليه الشك، (وهذا الجانب الثاني من المفارقة) ان الطبقة السياسية اللبنانية، القابضة على مقدرات السياسة والاقتصاد والامن، وكل شيء لم تفِ بالتزاماتها، ومضت للتلاعب بالوقت، وبمصالح اللبنانيين، دفاعاً عن مكاسب سياسية، ظرفية، تهم هذه الفئة او الجهة الحزبية او تلك، غير عابئة بنفاد الاحتياطي من العملات الصعبة لدى مصرف لبنان، ولا باستعادة الاموال المنهوبة او اموال المودعين، فضلا عن أحجام التضخم غير المسبوقة، وتدهور الوضع المعيشي اليومي، وتآكل القوة الشرائية لليرة، مع التلاعب اليومي بسعر صرف الدولار في اسواق القطع والسوق السوداء (ما لا يقل عن8000 ليرة لكل دولار اميركي) فلا الحكومة الجديدة تألفت في غضون اربعة اسابيع، ولا الاصلاحات للخروج من النفق المظلم أو اقرت، وضعت على سكة التنفيذ..

ولم تجد الرئاسة الفرنسية قبيل انطلاق اعمال المؤتمر حرجاً بالاعلان عن خبية الامل من عدم التزام المسؤولين وممثلي الكتل، بما التزموا به لجة الاسراع بتأليف «حكومة مهمة» وفقا لمعايير المبادرة الفرنسية، بل ذهبت ابعد من ذلك لجهة اعتبار العقوبات الاميركية ضد شخصيات لبنانية تعيق تأليف الحكومة الجديدة..

ونقلت قناة «الحدث» عما اسمتها مصادر الاليزيه: «المساعدات للبنان يجب ان تقابلها ضمانات، ولم نحصل على ذلك، ولا ثقة لنا بالطبقة السياسية».

اعتبرت مصادر سياسية ان كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون في مؤتمر الدعم لم تكن بمستوى هذا الحدث الدولي المهم لمساعدة لبنان،او تعبر عن رغبة حقيقية للرئاسة والحكم للتقدم ولو خطوة واحدة الى الامام لملاقاة المؤتمرين في منتصف الطريق وتعزز الامال بقرب نجاح المساعي المبذولة لتشكيل حكومة جديدة تتولى ادارة السلطة وتباشر الخطوات المطلوبة لحل سلسلة الازمات المتراكمة التي يواجهها لبنان.

فالكلمة بما احتوته من وعود ومواقف لا تصح حتى في المناسبات اليومية المحلية، لان الناس العاديين ملوا تكرار الوعود والشعارات التي لم تنفذ، بل كان الأداء الرئاسي معاكسا ومحبطا طوال السنوات الماضية والدليل ما وصل اليه حال الدولة بكل مكوناتها اليوم.

وتضيف المصادر ان تسليط الضوء على موضوع التحقيق الجنائي المالي ومحاولة تظهيره بأنه البديل عما يطالب به المجتمع الدولي والداخل اللبناني لتشكيل حكومة جديدة تخرج لبنان من عزلته وركوده السياسي والاقتصادي، انما هو محاولة مكشوفة للتهرب من مساءلة هذه الدول والمنظمات الدولية للمسؤولين اللبنانيين عن التلكؤ بتشكيل الحكومة الجديدة والسعي لاخفاء المطامح السياسية الخاصة التي تعيق ولادة الحكومة العتيدة.

 فالكل يعلم ان تكبير موضوع التحقيق الجنائي وتصويره بانه سيكون أداة الحلول للمشاكل المالية في ادارات ومؤسسات الدولة، انما هو امر مبالغ فيه والتسويق له على هذا النحو مخالف للواقع،لانه كما هو معلوم يحتاج المباشرة فيه وانجازه بالكامل وقتا طويلا وامكانات مادية ليست متوفرة حاليا.

 بينما يلاحظ، انه لا تكاد تخلو كلمة او موقف لاي مسؤول من المشاركين في المؤتمر المذكور من الالحاح والمطالبة بتسريع تشكيل الحكومة وربطهم تقديم كل المساعدات المالية والاقتصادية للبنان بهذا الامر،في حين ما قاله رئيس الجمهورية بخصوص تشكيل الحكومة كان عرضيا ولا يؤشر الى خطوات سريعة بمستوى المناشدات الدولية او الحاجة الملحة داخليا لتحقيق ذلك.

رسالتان حاسمتان من باريس: واشارت مصادر رئاسية فرنسية، بحسب "النهار"، الى ان المساعدات التي قدمت خلال شهر اب تخطت التوقعات وكانت 253 مليون يورو وهو مبلغ يعبر عن قوة دفع بالنسبة الى الوضع الذي يعيشه العالم جراء وباء كورونا. وأوضحت ان المجتمعين بحثوا سبل توزيع هذه المساعدات بعد ان لوحظ عدد من الشوائب في تسليمها رغم اعتبار ان التوزيع تم بشفافية بشكل عام.

وافتتح الرئيس ماكرون المؤتمر الذي شارك فيه 12 رئيس دولة ورئيس وزراء و10 منظمات دولية والمجتمع المدني اللبناني ومن الدول المشاركة فرنسا والولايات المتحدة وايطاليا وبريطانيا ومصر والكويت والعراق وقطر والامارات العربية المتحدة واوستراليا والبرازيل. وجرى تقييم المساعدات الانسانية التي قدمت الى لبنان والحاجات الجديدة وفقا للوضع الانساني القائم والذي يتدهور. وتم بحث المستلزمات الصحية والتربوية والسكنية والغذائية وكيفية الاستجابة لهذه المطالب، ووضع اليات جديدة مع الامم المتحدة لتوزيع هذه المساعدات.

والعمل جار بين الاطراف والامم المتحدة على العمل في الاجل القصير والمتوسط لان الوضع المالي ما زال يتدهور وهذا يعني ان لبنان سيواجه المزيد من المشاكل مما يجعل التدقيق المالي في مصرف لبنان اكثر حتمية. ويتابع المشاركون الوضع في لبنان من قرب ولا يريد احد منهم ان يغرق لبنان في ازماته لان ذلك قد يشكل خطرا امنيا ايضا.

كما تم البحث في الادوات التي يحتاج اليها المجتمع الدولي والعمل عليها من اجل الاستجابة لكل هذه التحديات. وياتي ذلك بعد اجتماعات تحضيرية أشرفت عليها فرنسا والامم المتحدة.

وشدد المجتمعون على تنفيذ خريطة طريق المبادرة الفرنسية التي وافق عليها السياسيون اللبنانيون خلال اجتماعهم بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر في بيروت. ولفتوا الى ان الاطراف اللبنانية لم تتجاوب مع اي بند من هذه المبادرة حتى الان. كذلك لم يتم تنفيذ اي شيئ في ما يتعلق بمراجعة حسابات مصرف لبنان. ونبه المشاركون من عدم تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ خريطة الطريق. وبدا توافق تام حول اهمية تاليف حكومة تقوم بوضع ورقة الطريق الفرنسية قيد التنفيذ لان التعاون اليوم هو فقط بين الامم المتحدة ومنظمات غير حكومية بالاضافة الى التعاون مع الجيش اللبناني والصليب الاحمر الدولي من اجل ايصال المساعدات الى جميع اللبنانيين .

اما بالنسبة الى العقوبات الاميركية على الطبقة السياسية، تقول المصادر الرئاسية الفرنسية ان العقوبات الاميركية على الطبقة السياسية اللبنانية لم تحدث اي تاثير حتى الان ولم تساعد او لم تعطل تشكيل الحكومة. واعتبرت ان الاهمية بالنسبة لجميع المشاركين ومنهم الولايات المتحدة هي وضع خارطة الطريق موضع التنفيذ. كما تم بحث كيفية مساعدة المؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة التي تعاني ازمة وجودية .

وتعتبر المصادر انه امام استحالة تنفيذ خريطة الطريق، لا يمكن تجييش المجتمع الدولي لمساعدة لبنان لاعادة تاهيل بنيته وانه لا يمكن سوى الاستجابة الى المطالب الانسانية الملحة. وتعتبر انه يجب الاستمرار في الضغط على الطبقة السياسية ولا يمكن التعاون سوى مع الواقع، فتقديم المال يحتاج الى ثقة وهذه الثقة مفقودة .

وتشير المصادر الى انها لا ترى اية علاقة بين تشكيل حكومة والانتخابات الاميركية اوالعلاقة بين ايران واميركا ولكن الطبقة السياسية اللبنانية تجد الذرائع تهربا من مسؤوليتها.واكدت ان الرئيس ماكرون يرفض ان يذهب لبنان الى الانهيار والزوال .

ويامل المجتمعون ان يكون الاجتماع المقبل بعد تشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات.

عون يقرّ بعجز السلطة: وفي حين كان لافتا ما أعلنه الرئيس الفرنسي عن قرار لتأسيس صندوق يديره البنك الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية للبنان، وخلاصة المؤتمِرين بأن هذه المساعدات ستكون مباشرة للشعب اللبناني ولن تمر عبر المؤسسات الرسمية، أشارت مصادر متابعة للمؤتمر لـ"الأنباء الالكترونية" الى أنه للمرة الأولى بتاريخ لبنان يكون هناك هذا الموقف السلبي من الحُكم الرسمي اللبناني في مؤتمر يخص لبنان، مشيرة الى أن الأمر اضطر معه رئيس الجمهورية ميشال عون على الاقرار في كلمته بشكل شبه مباشر بفشل السلطة التي هو على رأسها في تحمل مسؤوليتها، عبر قوله إن المساعدات أساسية "مهما كانت طرقها وآلياتها"، معلنا بذلك قبوله أن تاتي المساعدات عن طريق لا يمر بمؤسسات رسمية وبالتالي اعترافه امام المجتمع الدولي بعجز الهيكل الرسمي عن تولي الملف.

واستغربت المصادر "إنشغال بعض المسؤولين بقضايا جانبية وعدم ايلائهم الوضعين الإقتصادي والمعيشي الأهمية المطلوبة"، وتوقفت عند مواقف بعض القوى السياسية التي تتراشق الإتهامات كما جرى في اجتماع اللجان النيابية أمس الذي إنعقد لدراسة رفع الدعم عن السلع الأساسية، حيث بدا جليا الإنقسام العمودي بين الكتل النيابية. كما توقفت عند هروب بعض الكتل من مسؤولية ترشيد الدعم.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o