Sep 08, 2019 3:44 PM
اقتصاد

في طرابلس: تواصل فعاليات ورشة عمل إدارة النفايات

تتابعت فعاليات ورشة العمل التي افتتحت أعمالها في نقابة المهندسين في طرابلس، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعنوان "أية إدارة متكاملة للنفايات نريد في لبنان؟"، نظمها "تيار المستقبل" و"المنظمة الدولية للتقرير عن الديموقراطية في لبنان" والتعاون الألماني.

وترأست عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" الدكتورة ربى دالاتي الرافعي الجلسة الأولى، وقالت: "كأن إدارة النفايات هي عملية متكاملة للتخلص من النفايات الناتجة من الاستهلاك البشري بمراقبتها وجمعها ثم نقلها ومعالجتها عبر تدويرها او طمرها او حرقها، وهي تشمل المواد الصلبة والسائلة والغازية وحتى المواد المشعة، وفي المدن الكبرى يتم التخلص من النفايات باعتماد الطمر الصحي أو الحرق". ووصفت الطمر بأنه "دفن النفايات في الأرض بعد تجهيزها تقنيا لمنع اي تسرب وتلوث للتربة والمياه الجوفيه، وهي طريقة تمارس بشكل شائع في كثير من البلدان حيث يتم إختيار أماكن الطمر في مقالع الحجارة أو المناجم المهجورة، إلا ان طريقة الطمر قد تؤدي إلى نتائج سلبية إذا لم تدر بشكل جيد، أما الحرق فهو أحد أنواع المعالجة الحرارية الذي يقوم بتحويل النفايات إلى حرارة وغاز وبخار ورماد وهي طريقة تستخدم للتخلص من النفايات الصلبة والسائلة والغازية وحتى من النفايات الخطرة او المواد البيولوجية مثل النفايات الطبية، ولكنها طريقة مثيرة للجدل بسبب الإنبعاثات المضرة بصحة الإنسان والحيوان".

سليمان
ثم تحدث مدير مكتب لبنان للمنظمة الدولية للتقرير عن الديموقراطية الدكتور اندريه سليمان، الخبير في التنمية الاجتماعية والحوكمة ونزاهة الحكومات وإشراك المواطنين، عن الأطر والفرص المتاحة للوصول إلى إدارة متكاملة ودامجة للنفايات الصلبة، وعرض إشكاليات الصلاحيات والتمويل في قانون الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة بالاستناد إلى استطلاع للرأي أجرته المنظمة الدولية للتقرير عن الديموقراطية في العام 2018.
وشدد على وجوب اعتماد اللامركزية الإدارية في تطبيق الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة من خلال تولي الإدارات المحلية مراحل الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة كليا أو جزئيا وفق الجدوى البيئية والاقتصادية، على أن ذلك لا يعفي السلطة المركزية من تحمل مسؤولياتها حين تعجز السلطات المحلية عن ذلك. كما يجب على السلطة المركزية ضمان كفاءة توزيع الموارد من خلال تنفيذ مشاريع مركزية حيث تدعو الحاجة.

وأكد أهمية مشاركة المواطنين في لجان بلدية تطوعية ممأسسة والتوعية على التخفيف من إنتاج النفايات، الفرز من المصدر، إعادة الاستعمال، التدوير، التسبيخ، ثم الطمر الصحي، وتضافر الجهود بين البلديات من خلال تجمعات بلدية أو اتحادات بلديات لمعالجة النفايات.

زعاطيطي
ثم تحدث الخبير في علوم الهيدرولوجيا والتحضير لمشاريع إستثمار المياه الجوفية وتحديد مواقع وحفر الآبار الدكتور سمير زعاطيطي، فعرض للمخاطر التي أثارها اقتراح إنشاء المكب في منطقة تربل وترافق مع تحرك شعبي واسع ومعارض، فعدد الأسباب الموجبة التي تحتم رفض مثل هذا المطمر او المكب في تربل، استنادا إلى الدراسات العلمية في ما يتعلق بالتربة والمياه الجوفية المختزنة في تلك المنطقة، خاصة وأن التربة للمناطق المحيطة بطرابلس ومنها تربل هي كلسية لا تختزن المياه والسوائل التي تتجمع في جوف الأرض وتغذي المدينة بمياه الشفة، وهذا الوضع نراه في معظم المناطق ذات التربة الكلسية.

وقال: "حماية مجرى هذه المياه هي المطلب الدائم لما نشاهده من تلوث في مياه الينابيع والأنهر، حيث اصبح ذلك مشكلة كبيرة على الصعيد الوطني، وما نشهده في الليطاني هو نفسه الذي نراه ايضا في مجرى نهر ابو علي، مما يستوجب وضع حد سريع لهذا التلوث الخطير للمياه الجوفية المحيطة بطرابلس، وهذا الوضع الخطير أشرت إليه بوضوح عندما سئلت عن موقفي من إنشاء المكب في تربل، إستنادا إلى كل المراجع ولا سيما الفرنسية منها في غياب أي دراسات وطنية بهذا الخصوص على صعيد كل لبنان".

ونوه بالدراسة التي وضعها عن نوعية التربة المحيطة بمدينة طرابلس ولا سيما في منطقة تربل، والتي وضعها بين يدي الرئيس سعد الحريري حين اندلعت مشكلة مكب تربل حيث اتخذ القرار الفوري بوقف المضي بهذا المكب. وشدد المحاضر على وجوب عدم تمرير مشاريع مضرة بالبيئة وبالإنسان، واتخاذ كل الإجراءات للتخلص من رمي النفايات من دون إجراء الدراسات بخصوص الأثر البيئي وعدم وجود سموم بين هذه النفايات يتم تخزينها بين الصخور، مما يستوجب دق ناقوس الخطر للتنبه من هذه الحالات.

الجلسة الثانية
ثم ترأست المهندسة رنى الزعبي فتال الجلسة الثانية، وقالت: "منذ بداية الأزمة أنفقنا الكثير من الوقت والجهد والمال على دراسات وخطط مرحلية وطارئة دون جدوى، فالإدارة الصحيحة تبدأ بالمعرفة والمعلومة ثم القوانين فالإدارة والتنفيذ كما تشمل المسائل البيئية والقانونية والهندسية وإشراك الوزارات المعنية والتكامل بينها وتفعيل دور البلديات والمجتمع المحلي".

وختمت: "لا حلول ملموسة وجذرية تنقذ المدينة وتجنبها الكوارث البيئية والصحية حتى الساعة وقد تعددت الطرق المقترحة من مطامر ومحارق وتفكيك حراري وفرز وإعادة تدوير وتسبيخ وغيرها، حيث الأفضل إعتماد طرق تراعي جغرافية المنطقة وظروفها البيئية من مياه جوفية وتربة وهواء ومواقع سياحية وتنوع بيولوجي".

معلوف
وشدد حبيب معلوف عن الاستراتيجية الملائمة لإدارة مستدامة للنفايات الصلبة، على أن الإدارة السليمة للنفايات تتخطى مجرد "التخلص" منها أو حتى استرجاعها ويجب السعي إلى معالجة هذه المشكلة من جذورها. وأكد وجوب الأخذ في الاعتبار العناصر التفصيلية لتقييم واقع النفايات وأنواعها وتصنيفها ومكوناتها والاختلافات في قابلية التحلل إلى جانب دراسة حجم السكان بالنسبة إلى حجم النفايات ومستوى التمدن بين حياة الريف وحياة المدن اجتماعيا واقتصاديا ومعيشيا، إضافة إلى ما يتعلق بالمناخ والوضع الصناعي والتحويلي ووجوب أن ترسم الدولة استراتيجية مستدامة للتخفيف والمعالجة مع دراسة الآثار البيئية.

وقال: "الدولة تقوم برسم استراتيجية مستدامة للتخفيف والمعالجة مع دراسة الآثار البيئية وغيرها من العوامل لكل خيار مثل الكلفة المالية وتوافر التكنولوجيا والسوق والجودة بالنسبة للمواد المعاد تدويرها والسماد العضوي، بالإضافة إلى دراسة المعطى من المشكلة التي يفترض ان تنطلق منها الإستراتيجية، والتي يفترض ان تترجم في القانون حيث يفترض بالاستراتيجية ان تحدد المبادىء التي يستند إليها هذا القانون والأولويات والأفضليات في ما بينها".

ودعا إلى تحديد مبادىء المسؤوليات البيئية وتوزيعها وتدرجها بين المنتج والمصنع والمسوق والتاجر والمستهلك، كل بحسب مساهمته في إنتاج النفايات، وان تعكس الاسعار الكلفة الحقيقية لإنتاج السلع، ومن هنا استراتيجية مبدأ "الضريبة البيئية" وتطبيق التصنيع المستدام ورصد ومراجعة القضايا العالمية والاتفاقات الدولية وكيفية المساهمة في تعديلها وتطبيقها.

حلواني
ولفت رئيس قسم الصحة والبيئة مدير مختبر علوم البيئة والمياه في الجامعة اللبنانية الدكتور جلال حلواني، إلى المعالجة والحلول المقترحة لادارة مستدامة للنفايات، وأشار إلى أن "لبنان يعاني من مشكلة مستعصية لادارة النفايات الصلبة، ولم تنجح كل الخطط التي أقرتها الحكومات المتعاقبة بتأمين ادارة رشيدة تأخذ في الاعتبار مفهوم الادارة المتكاملة للنفايات الصلبة وإشراك المواطنين في هذا النهج، في وقت تزداد معه وطأة هذه الازمة. وامام هذا الواقع الذي ينذر بالاسوأ، أقرت الحكومة في 27 اب الماضي خطة وزارة البيئة العشرية التي ترتكز على اعتماد الطمر والحرق كخيار لحل مشكلة ادارة النفايات الصلبة.

وتناول الحلول المطروحة من الوزارة عن الطمر والحرق، فذكر ان العوامل الفاعلة في تقييم المواقع المرشحة لكي تكون مطامر صحية هي: المنظر الخارجي، المساحة الاجمالية، جريان المياه السطحية، هيدرولوجية الموقع، معدل الرشح المائي، اتجاه الرياح، القرب من التجمعات السكانية، طرق نقل النفايات للموقع ووجود المكونات الطبيعية.

وشدد على ان "الطرح البيئي المستدام هو بناء مركز للادارة المتكاملة للنفايات يعتمد على مبدأ الفرز والتدوير والمعالجة، وهذا يعني فرز متطور على عدة مراحل يعتمد احدث التقنيات العالمية، وتسبيخ متطور للنفايات العضوية لإنتاج سماد ذي جودة عالية، وتدوير النفايات غير العضوية والاستفادة منها كمواد أولية، وإنتاج وقود بديل صلب وتطبيق نظام خاص لمعالجة الروائح المنبعثة أثناء الفرز والمعالجة وضمان صفر رائحة في الداخل والخارج".

اما عن الحل المقترح للشمال، فذكر حلواني انه مع ادارة لا مركزية للنفايات ولا للمحارق ولا للمطامر ونعم للفرز والتدوير والمعالجة البيئية، وهذا يعني استحداث مراكز حديثة ومتطورة للادارة الشاملة للنفايات الصلبة بطاقة استيعابية بين 100 و 500 طن يوميا على اراضي تملكها البلديات وفق نظام BOT لمدة تتراوح بين 20 و 30 سنة بالشراكة مع القطاع الخاص وبالتعاون مع شركات دولية متخصصة باشراف البلديات مع مراقبة دورية من وزارة البيئة للتأكد من الالتزام بالضوابط البيئية.

الجسر
أعقب ذلك نقاش بين المحاضرين والحضور شارك فيه النائب سمير الجسر الذي نوه بأهمية ما جرى بحثه في ما يتعلق بقضية النفايات وما جرى عرضه من مسائل علمية وأبحاث، متناولا قضية إعادة تصدير الآلات والأدوات المستوردة من الخارج مثل البرادات والغسالات والمكيفات وسواها وإعادتها إلى مصدرها بعد توقفها عن العمل والاستخدام على نفقة المستورد، فرأى الجسر عدم توفر الإمكانات لتطبيق هذا الإجراء حاليا.

ورأى انه لم يتم تطرق المحاضرين إلى المسألة الأساسية، وهي ماذا علينا ان نفعل اليوم للتخلص من ازمة النفايات وما هي افضل السبل الكفيلة بإزالتها فورا عن الطرقات وعن اماكن تجمعها بشكل عشوائي؟، مؤكدا اهمية عقد جلسات عمل بمشاركة جميع المعنيين من هيئات رسمية وفاعليات ويقتصر البحث فيها على معالجة هذا الموضوع والتقدم باقتراحات عملية للوصول إلى حل جذري وسريع لهذه المشكلة المزمنة.

وفي ختام ورشة العمل تم ملء إستمارة التقييم من المشاركين والحضور وأقيم كوكتيل للمناسبة.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o